الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا شك أن العظمة والكبرياء من صفات الله تعالى، دل عليهما الكتاب والسنة، ويجب إثباتهما، والصحابة الكرام لما سمعوا هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم، لم يسألوا هذا السؤال، ولم يتنطعوا، واكتفوا بما سمعوه. فليسعك ما وسعهم، وهو الإيمان بصفة العظمة والكبرياء لله تعالى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن الحديث المشار إليه: وليس ظاهر هذا الحديث أن لله إزارًا ورداء من جنس الأزر والأردية التي يلبسها الناس، مما يصنع من جلود الأنعام والثياب كالقطن والكتان، بل الحديث نص في نفي هذا المعنى الفاسد. فإنه لو قال عن بعض العباد إن العظمة إزاره، والكبرياء رداءه، لكان إخباره بذلك عن العظمة والكبرياء اللذين ليسا من جنس ما على ظهور الأنعام، ولا من جنس الثياب، ما يبين ويظهر أنه ليس المعنى أن العظمة والكبرياء هما إزار ورداء بهذا المعنى ... اهـ.
وهذا الذي ذكره وأثبته الشيخ ابن عثيمين، ولم نقف له على كلام يقول فيه إن من صفات الله الرداء والإزار !! بل أنكر على من سأل عن إثبات صفة الإزار والرداء، وقال: إن السؤال عن هذا بدعة.
فقد سُئِلَ -رحمه الله تعالى- عن قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه -عز وجل- أنه قال: الكبرياء إزاري، والعظمة ردائي. فما معنى الإزار والرداء في الحديث؟ وهل نثبت لبس الإزار والرداء لله -عز وجل- أم هي صفة نقص؟ وأثابكم الله؟
فأجاب بقوله: الحقيقة أن هذا مما نقول فيه كما قال الإمام مالك: إنه مما لا ينفع العلم به، والإزار والرداء بالنسبة إلى الله -عز وجل- ليس كالإزار والرداء بالنسبة إلينا؛ ولهذا يجب علينا أن نقول كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، ولا نسأل عن هذا؛ لأن السؤال عن هذا بدعة، هل نحن أحرص من الصحابة -رضي الله عنهم- على معرفة صفات الله؟! لا والله، وهل المسؤول منا أعلم بذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! لا والله، إذًا ما دام الصحابة -رضي الله عنهم- وهم أحرص منا على معرفة الله -تعالى- بأسمائه وصفاته، لم يسألوا الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أعلم من سيجيب، فالواجب علينا السكوت، أن نقول بما جاء به الحديث، ونسكت عما وراء ذلك، ونقول: إن الله -سبحانه وتعالى- يفعل ما يشاء. اهـ.
والله تعالى أعلم.