الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا تنازلت الزوجة عن حقوقها المادية من أجل أن يطلقها زوجها، فطلقها بناءً على ذلك، فهذا طلاق بائن، سواء كان في نفس المجلس أم في غيره.
أمّا إذا تنازلت الزوجة عن حقوقها من غير اشتراط الطلاق، ثم طلقها الزوج من غير شرط، فطلاقه رجعي.
جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية -رحمه الله-: مسألة: فِي امْرَأَةٍ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ جَمِيعِ صَدَاقِهَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَشْهَدَ الزَّوْجُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَذْكُورَةَ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَكَانَتْ الْبَرَاءَةُ تَقَدَّمَتْ عَلَى ذَلِكَ، فَهَلْ يَصِحُّ الطَّلَاقُ؟ وَإِذَا وَقَعَ يَقَعُ رَجْعِيًّا أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: إنْ كَانَا قَدْ تَوَاطَأَ عَلَى أَنْ تُوهِبَهُ الصَّدَاقَ وَتُبْرِيَهُ؛ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَأَبْرَأَتْهُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، كَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا: أَبْرِئِينِي وَأَنَا أُطَلِّقُك، أَوْ إنْ أَبْرَأْتنِي طَلَّقْتُك، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَاتِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، الَّتِي يُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ سَأَلَ الْإِبْرَاءَ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا، أَوْ أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا.
وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بَرَّأَتْهُ بَرَاءَةً لَا تَتَعَلَّقُ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ.
والله أعلم.