الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففيما يخص قولك: "وكيف يجمع بين التدبر والإكثار من التلاوة"؟
فالجواب أن الإكثار من التلاوة لا ينافي التدبّر، إلا إذا كان القارئ يسرع في التلاوة إسراعًا مبالغًا فيه، بغرض الإكثار من القراءة؛ لأن التدبر يقتضى الترسل في القراءة, وتفهّم معاني القرآن, وهذا ينافى الإسراع، جاء في شرح البخاري لابن بطال: ذكر أبو عبيد عن مجاهد في قوله تعالى: (ورتل القرآن ترتيلا) [المزمل:4]، قال: ترسل ترسلًا. وقال أبو حمزة: قلت لابن عباس: إني سريع القراءة، وإني أقرأ القرآن في ثلاث، فقال: لأن أقرأ البقرة في ليلة فأتدبرها، وأرتلها، خير من أن أقرأ كما تقول. وقال مرة: خير من أجمع القرآن هذرمة. وأكثر العلماء يستحبون الترتيل في القراءة ليتدبره القارئ، ويتفهم معانيه. روى علقمة، عن ابن مسعود قال: لا تنثروه نثر الدقل، ولا تهذّوه هذَّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة. وذكر أبو عبيد أن رجلًا سأل مجاهدًا عن رجل قرأ البقرة وآل عمران، ورجل قرأ البقرة قيامهما واحد، وركوعهما واحد، وسجودهما واحد، أيهما أفضل؟ قال: الذي قرأ البقرة. وقرأ: (وقرآنًا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث) [الإسراء:106] الآية. وقال الشعبي: إذا قرأتم القرآن، فاقرؤوه قراءة تسمعه آذانكم، وتفهمه قلوبكم، فإن الأذنين عدل بين اللسان والقلب، فإذا مررتم بذكر الله، فاذكروا الله، وإذا مررتم بذكر النار، فاستعيذوا بالله منها، وإذا مررتم بذكر الجنة، فاسألوها الله. انتهى.
أمّا عن الطريق الأمثل للتدبّر, فراجع الفتوى رقم: 269449، وإحالاتها، وهي بعنوان: "قواعد التدبر الأمثل للقرآن الكريم".
وبخصوص قولك: "هل يمكن أن يتدبر الشخص وهو يقرأ الجزء في عشرين دقيقة"؟
فالجواب: أن هذا يختلف من شخص لآخر، فالناس متفاوتون في سرعة الفهم, وقوة الفكر, والإدراك, ولا يمكننا تحديد هذا الأمر بشكل دقيق.
وراجع المزيد عن أهمية تدبر القرآن في الفتويين التاليتين: 311248 - 133659.
والله أعلم.