الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك فيما فعلت، فإن الحرص على قراءة هذه الشروط، وتحصيل اليقين بصحتها متى ما أمكن، أفضل بلا ريب، ولكن يبقى السؤال: هل يجوز التوقيع دون قراءة الشروط عند غلبة الظن بصحتها؟
والجواب أن ذلك جائز، إذا حصلت غلبة الظن بقرائن صحيحة، ودلائل مقبولة، وليس بمجرد تحسين الظن بلا سبب، والقاعدة عند الفقهاء أن: الظن الغالب، ينزل منزلة التحقيق، قال الدكتور الزحيلي في شرح هذه القاعدة في كتاب: (القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة): غالب الظن عند الفقهاء ملحق باليقين، وتبنى عليه الأحكام العملية، ويجب العمل به باتفاق، إذا لم يوجد دليل قاطع من النصوص، ولا معارض له أرجح منه، كالظن الحاصل عند سماع البينات، والمقومين، والمفتين، والرواة، والأحاديث، والأقيسة الشرعية، ومن لم يعمل بغلبة الظن عطل أكثر الأحكام؛ ولذلك ينزل الغالب منزلة المحقق في الرأي المشهور عند المالكية، ولا ينزل في رأي آخر، مع التنبيه لقاعدة: العبرة للغالب الشائع، لا للنادر. اهـ.
وقال الشاطبي في الموافقات: الشارع قد أجرى الظن في ترتب الأحكام مجرى القطع، فمتى ظن وجود سبب الحكم، استحق السبب للاعتبار؛ فقد قام الدليل القطعي على أن الدلائل الظنية، تجري في فروع الشريعة مجرى الدلائل القطعية. اهـ. وقال في موضع آخر: ولكن ليس هذا الفرض بناء على مجرد تحسين الظن، بل على نفس الظن المستند إلى دليل يثيره، والظن الذي يكون هكذا قد ينتهض في الشرع سببًا لبناء الأحكام عليه. اهـ.
وانظر للفائدة الفتويين: 366604، 239431.
والله أعلم.