الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن شك في قراءة كلمة أو أكثر من الفاتحة بعد تمامها, فإنه لا يلتفت إلى هذا الشك, ولا يلزمه شيء؛ لأن الأصل هو الإتيان بها، جاء في أسنى المطالب لزكريا الأنصاري: (وإن شك هل ترك حرفًا) فأكثر من الفاتحة (بعد تمامها لم يؤثر)؛ لأن الظاهر حينئذ مضيها تامة. انتهى.
لكن ما فعلتِه من إعادة الكلمات المشكوك في قراءتها، لا يبطل الصلاة, وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 53133.
وبخصوص السؤال الثاني: فكان عليكِ الإتيان بالسجدة الثانية (المشكوك فيها) من الركعة الأخيرة قبل أن تسلمي, ثم تسجدين للسهو بعد السلام, كما في الفتوى رقم: 123224.
أمّا سلامُك وأنت شاكة في كمال الصلاة, فهو مبطل لها, قال خليل في مختصره في ذكر ما تبطل به الصلاة: كمُسَلِّم شك في الإتمام، ثم ظهر الكمال على الأظهر. قال عليش في منح الجليل: وشبه في البطلان، فقال: (كـ) شخص (مُسَلِّم) عمدًا أو جهلًا -بفتح السين وكسر اللام مشددة- من صلاته، والحال أنه (شك) حال سلامه (في الإتمام) وعدمه، وأولى سلامه معتقدًا عدمه، (ثم ظهر) له (الكمال) لصلاته التي سلَّم منها شاكًّا؛ فتبطل (على) القول (الأظهر) عند ابن رشد من الخلاف؛ لمخالفته البناء على الأقل المتيقن الواجب عليه، وأولى ظهور النقص، أو بقاء شكه بحاله، وهو هنا على حقيقته، لا ما قابل الجزم؛ لاقتضائه أن السلام مع ظن الكمال مبطل، وليس كذلك, كما أفاده الحط عن ابن رشد هذا هو المشهور، ومقابله قول ابن حبيب: إن ظهر الكمال لا تبطل. انتهى.
هذا هو الحكم في المسألة إذا كانت السائلة غير موسوسة.
أما إن كانت موسوسة, فلا تلتفت إلى الشك, ولا تأتي بالسجدة التي شكت فيها, ولا يلزمها سجود سهو, لكن إتيانها بهذه السجدة المشكوك فيها، لا يبطل صلاتها, وتراجع الفتوى رقم: 345649, والفتوى رقم : 369112، وتراجع الفتوى رقم: 324838 لحكم سجود السهو.
ونحذرك من الوقوع في الوساوس, فإن عواقبها وخيمة, وشرها عظيم, وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 3086.
والله أعلم.