الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دخول المسبوق مع الإمام على الحالة التي أدركه فيها أمر مطلوب، لقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أَتَى أحدُكُم الصلاةَ والإمامُ على حالٍ، فَلْيَصْنَعْ كَمَا يَصْنَعُ الإِمامُ. رواه الترمذي. وقال: هذا حديث غريب، والعمل على هذا عند أهل العلم، قالوا: إذا جاء الرجل والإمام ساجدٌ فلْيَسْجُدْ. وصحَّحه الألبانيُّ في المشكاة.
ولما ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا جِئْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ، وَنَحْنُ سُجُودٌ، فَاسْجُدُوا، وَلا تَعُدُّوهَا شَيْئًا, وَمَنْ أَدْرَكَ الرَّكْعَةَ، فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلاةَ. رواه أبو داود، وحسنه الألباني.
وعن أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِذَا أَتَيْتُمْ الصَّلاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ, فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا, وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا. رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر رضي الله عنه في "فتح الباري": استُدِل به على استحباب الدخول مع الإمام في أي حال وجد عليها. انتهى ..
وقد نقل ابن حزم رحمه الله الإجماع على ذلك, قال في "مراتب الإجماع": واتفقوا أن من جاء والإمام قد مضى من صلاته شيء قلَّ أو كثر، ولم يبق إلا السلام، فإنه مأمور بالدخول معه، وموافقته على تلك الحال التي يجده عليها، ما لم يجزم بإدراك الجماعة في مسجد آخر. انتهى.
وإذا دخل المسبوق إلى المسجد، فوجد رجلين يصليان معاً في جماعة، وَكَانَا في وضع السجود، فإنه يسجد عن يسار الإمام، ثم عندما يقف الإمام، فإن المأمومَين يَرجعان فيصطفان خلفه.
قال النووي في المجموع: قال أصحابنا: فإن حضر إمام ومأموم، وأحرم عن يمينه، ثم جاء آخر أحرم عن يساره، ثم إن كان قدام الإمام سعة، وليس وراء المأمومين سعة تقدم الإمام، وإن كان وراءهما سعة، وليست قدامه، تأخرا، وإن كان قدامه سعة، ووراءهما سعة تقدم أو تأخرا، وأيهما أفضل؟ فيه وجهان: ( الصحيح ) الذي قطع به الشيخ أبو حامد والأكثرون تأخرهما ; لأن الإمام متبوع فلا ينتقل. اهـ
والله أعلم.