الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أشبعنا هذه المسألة بحثا في فتاوانا، وحاصل معتقد أهل السنة في ذلك أنه لا يقع شيء في هذا الكون إلا والله عالم بوقوعه قبل أن يقع، وقد كتبه عنده في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وهو الخالق لكل ذلك المريد له كونا وقدرا، ومع ذاك فالعباد قد خلق الله لهم مشيئة وإرادة بها تقع أفعالهم؛ بحيث يكونون مسؤولين عنها مسؤولية تامة، فليسوا مجبورين مقهورين على فعل ما يفعلون؛ سواء من الطاعة، أو المعصية، أو الأمور المباحة، فالله كتب أن فلانا يتزوج فلانة، وأنه يختار تخصص كذا، وقد قدر الله ذلك بأسباب، وخلق للعبد إرادة ومشيئة بها يختار اختيارا تاما حرا، كما قال تعالى: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ {التكوير 28: 29}. ولا إشكال في هذا بحال؛ لأن العبد لا علم له بما قدره الله عليه أزلا، ومن ثم فهو يسعى فيما بين يديه من الأسباب وفق المشيئة والاختيار الذي أعطاه الله إياه، ثم لا يكون بعد ذلك إلا ما قدره الله وقضاه، وتنظر للفائدة الفتاوى التالية أرقامها، 95359، 312490، 79824.
والله أعلم.