الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا لم نقف على شرح الألباني لحديث: يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي.
كما أن قول السائل: أم هي مناقضة للنفس بما أنه شرح أن الشهوات الحرام تفطر؟ غير واضح.
لكن الشيخ يقول: إن الاستمناء مع الإنزال لا يفطر, ولا يُلحَق بالجماع, ويستدل لذلك أثناء نقاش المسألة ببعض الآثار الثابتة عن السلف في أن المباشرة بغير جماع لا تفطر، ومن ذلك: حديث عائشة -رضي الله عنها- لمن سألها: ما يحل للرجل من امرأته صائمًا؟ قالت: كل شيء إلا الجماع. يقول الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى- في كتابه: "تمام المنة في التعليق على فقه السنة":
قوله: "الاستمناء إخراج المني، سواء أكان سببه تقبيل الرجل لزوجته، أو ضمها إليه، أو كان باليد، فهذا يبطل الصوم، ويوجب القضاء".
قلت: لا دليل على الإبطال بذلك، وإلحاقه بالجماع غير ظاهر؛ ولذلك قال الصنعاني: "الأظهر أنه لا قضاء، ولا كفارة، إلا على من جامع، وإلحاق غير المجامع به بعيد". وإليه مال الشوكاني، وهو مذهب ابن حزم، فانظر "المحلى" 6 / 175 - 177 و205.
ومما يرشدك إلى أن قياس الاستمناء على الجماع قياس مع الفارق: أن بعض الذين قالوا به في الإفطار، لم يقولوا به في الكفارة، قالوا: "لأن الجماع أغلظ، والأصل عدم الكفارة". انظر "المهذب" مع "شرحه" للنووي 6 / 368. فكذلك نقول نحن: الأصل عدم الإفطار، والجماع أغلظ من الاستمناء، فلا يقاس عليه، فتأمل.
وقال الرافعي 6 / 396: "المني إن خرج بالاستمناء أفطر؛ لأن الإيلاج من غير إنزال مبطل، فالإنزال بنوع شهوة أولى أن يكون مفطرًا".
قلت: لو كان هذا صحيحًا؛ لكان إيجاب الكفارة في الاستمناء أولى من إيجابها على الإيلاج بدون إنزال، وهم لا يقولون أيضًا بذلك، فتأمل تناقض القياسيين!
أضف إلى ذلك مخالفتهم لبعض الآثار الثابتة عن السلف في أن المباشرة بغير جماع لا تفطر، ولو أنزل، وقد ذكرت بعضها في "سلسلة الأحاديث الصحيحة" تحت الأحاديث:219 - 221، ومنها: قول عائشة -رضي الله عنها- لمن سألها: ما يحل للرجل من امرأته صائمًا؟ قالت: "كل شيء إلا الجماع". أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه" 4 / 190 / 8439 بسند صحيح، كما قال الحافظ في "الفتح"، واحتج به ابن حزم، وراجع سائرها هناك. انتهى.
والمفتى به عندنا أنّ خروج المني بالاستمناء أو المباشرة مفسد للصوم وهو قول عامة أهل العلم وانظر الفتوى رقم : 113612 . والله أعلم.