الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته عن أمك من التحرش بك - إن صح عنها - أمر غريب منها، وتصرف عجيب، فالمظنون بالأم أن تكون حريصة على دِين ولدها وخلقه، لا أن تكون الجانية عليه في ذلك، والساعية لإفساده، فهذا نوع من مرض القلب -نسأل الله تعالى أن يشفيها منه-.
ونوصيك بالدعاء لها بالتوبة، والهداية، والصلاح، فهي أمك، وأنت مأمور ببرها، والإحسان إليها، فالسعي في صلاحها من أفضل ما تبرها به.
واحرص أيضًا على بذل النصح لها من خلال الاتصال بها، وليكن ذلك برفق، ولين، وذكرها بالله، وأليم عقابه، وأنها ستقف بين يدي الله، ويحاسبها على أعمالها، ذكرها بقول الله تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ {آل عمران:30}.
ونرجو أن تكون سببًا في هدايتها؛ لتفوز بالأجر العظيم، فالدال على الخير كفاعله، وانظر الفتوى رقم: 60180.
واجتنابك لها، وبعدك عنها، لعله الأسلم في هذه الحالة، ولكن احرص على صلتها بما هو ممكن، فالصلة يرجع فيها إلى العرف، كما أوضحنا في الفتوى رقم: 237613.
وكن على حذر من أن تصلها منك أي إساءة، فمن حق الوالد - أبًا كان أم أمًّا - البرّ به، وإن أساء، كما هو موضح في الفتوى رقم: 300613.
والأصل أن تستر عليها، ولا تخبر بأمرها أحدًا ما كانت ساترة على نفسها، فالأصل في العاصي الستر عليه، وعدم فضحه، وانظر الفتوى رقم: 312724.
فما بالك به لو كان أمًّا!؟
والله أعلم.