الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالمقدار المأذون شرعًا بالوصية به هو ما لا يزيد عن الثلث، فيجوز أن يوصي بما لا يزيد عن ثلث تركته؛ لحديث: إِنَّ اللَّهَ تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ عِنْدَ وَفَاتِكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ، زِيَادَةً لَكُمْ فِي أَعْمَالِكُمْ. رواه أحمد، وابن ماجه. ولحديث سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! أَنَا ذُو مَالٍ, وَلَا يَرِثُنِي إِلَّا اِبْنَةٌ لِي وَاحِدَةٌ, أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي? قَالَ: «لَا»، قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ? قَالَ: «لَا»، قُلْتُ: أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ? قَالَ: «الثُّلُثُ, وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ, إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ». مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وأما تصرفه في ماله في حياته، فإن كان مريضًا مرضًا مخوفًا يغلب على صاحبه الهلاك، فإن تبرعاته تأخذ حكم الوصية، وليس له أن يتصدق، أو يهب أكثر من الثلث.
وإن كان في غير مرض مخوف، فله أن يهب، أو يتصدق بما يريد من ماله؛ بشرط أن لا يُضيع نفقةً واجبةً عليه؛ كالنفقة على زوجته وعياله؛ لحديث: كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ. رَوَاهُ النَّسَائِيُّ.
وليس له أن يؤثر في حياته أحد الأولاد بالهبة دون الآخرين؛ لحديث: اتَّقُوا اللَّهَ, وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ. متفق عليه.
كما ليس له أن يوصي لأحد ورثته بشيء؛ لحديث: إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ, فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ. رَوَاهُ أَحْمَدُ، وأبو داود، والترمذي، وابن ماجه.
والله تعالى أعلم.