الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد حمل بعض العلماء اليومَ واليومين المنهيَّ عن صيامهما في الحديث: لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ, إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا, فَلْيَصُمْهُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، حملوه على يوم الشك، أي يوم الثلاثين من شعبان حيثُ يُشك فيه هل هو المتمم لشعبان، أو الأول من رمضان؟
جاء في حاشية السندي في شرح هذا الحديث: وَحَمَلَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنْ يَكُونَ بِنِيَّةِ رَمَضَانَ، أَوْ لِتَكْثِيرِ عَدَدِ صِيَامِهِ، أَوْ لِزِيَادَةِ احْتِيَاطِهِ بِأَمْرِ رَمَضَانَ، وَعَلَى صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ إِذْ لَا يَقَعُ الشَّكُّ عَادَةً فِي يَوْمَيْنِ ... اهــ .
وإنما ذكر اليومين بعد قوله: "بيوم" لأن الشك قد يحصل في اليومين أيضا، أي التاسع والعشرين مع الثلاثين، وهذا الشك ليس لأن الشهر قد يكون ثمانية وعشرين، وإنما يحصل الشك فيه بسبب وجود غيم ونحوه في شهرين متتابعين أو ثلاثة، فتتسع دائرة الشك حتى تشمل التاسع والعشرين.
قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: وَإِنَّمَا ذَكَرَ الْيَوْمَيْنِ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ الشَّكُّ فِي يَوْمَيْنِ بِحُصُولِ الْغَيْمِ أَوِ الظُّلْمَةِ فِي شَهْرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، فَلِذَا عَقَّبَ ذِكْرَ الْيَوْمِ بِالْيَوْمَيْنِ .. اهــ
وعلى هذا؛ فإن المقصود بالحديث ابتداء هو النهي عن صوم يوم الشك وهو الثلاثون من شعبان، وليس يوم الثامن والعشرين أو التاسع والعشرين، وإذا اتسعت دائرة الشك شمل النهي يوم التاسع والعشرين.
والله تعالى أعلم.