الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في كون الزنى من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، ولا سيما إذا كان من محصنة، لكن مهما عظم الذنب، فإن من سعة رحمة الله، وعظيم كرمه أنه يقبل التوبة، بل إن الله يفرح بتوبة العبد، ويحب التوابين، ويبدل سيئاتهم حسنات، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس، وعدم المجاهرة بالذنب، ولا يشترط لصحة التوبة أن يقام الحد على من زنى، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 119198.
وأموال التائبة من الزنى حلال لها، تنتفع بها بلا حرج، ما دامت ملكتها بطريق مباح، أمّا إذا كانت تلك الأموال اكتسبتها من طريق محرم، كأجرة الزنى -والعياذ بالله- فلا يحل لها هذا المال، وعليها أن تتخلص منه بصرفه في مصالح المسلمين، إلا إذا كانت فقيرة لا تجد ما تنفقه على نفسها، فيجوز لها أخذ القدر الذي تحتاجه، قال ابن تيمية -رحمه الله-: وَلَا يَحِلُّ هَذَا الْمَالُ لِلْبَغِيِّ، وَالْخَمَّارِ، وَنَحْوِهِمَا؛ لَكِنْ يُصْرَفُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ. فَإِنْ تَابَتْ هَذِهِ الْبَغِيُّ، وَهَذَا الْخَمَّارُ، وَكَانُوا فُقَرَاءَ، جَازَ أَنْ يُصْرَفَ إلَيْهِمْ مِنْ هَذَا الْمَالِ مِقْدَارُ حَاجَتِهِمْ.
وإذا تابت الزانية، واستبرأت رحمها، جاز لها الزواج بلا إشكال، وزال عنها وصف الزنى، قال ابن قدامة -رحمه الله- في كلامه على نكاح المرأة الزانية في المغني: .. وهي قبل التوبة في حكم الزنى، فإذا تابت زال ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»، وقوله «التوبة تمحو الحوبة».
وإذا أنجبت من الزواج الصحيح، فأولادها أولاد شرعيون، لا شبهة فيهم.
والله أعلم.