الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن مما يؤسف له، أن تسوء العلاقة بين من بينهم أواصر النسب، أو المصاهرة، وأن يترك المجال للشيطان ليكون سببًا في قطع الأرحام.
ومن شأن الشيطان: نشر البغضاء، والتفريق بين قلوب الأحبة، ويفرحه ذلك، قال تعالى: وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا {الإسراء:53}. وروى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم، فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئًا، قال: ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته -قال- فيدنيه منه، ويقول: نعم أنت. وقد ترجم عليه في صحيح مسلم: باب: تحريش الشيطان، وبعثه سراياه لفتنة الناس.
ولو قدر أن وقعت المشاكل، فينبغي تحري الحكمة، وتحكيم العقل، وعدم السير وراء الأهواء.
وننصح بالسعي في الإصلاح، ففي ذلك خير عظيم، وقربة من أفضل القربات، قال تعالى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114}، وروى أبو داود، والترمذي، عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام، والصلاة، والصدقة». قالوا: بلى. قال: «إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين الحالقة».
وإن كان الحال ما ذكرت من أن أخت زوجك تفتري عليه الكذب، فقد أساءت بذلك وظلمت، ومن اطلع منها على هذا الفعل الشنيع، فعليه أن يبذل لها النصيحة بالحكمة، والموعظة الحسنة، ويذكرها بالله، روى مسلم في صحيحه عن تميم الداري -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدين النصيحة»، قلنا: لمن؟ قال: «لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم».
فإن انتصحت ورجعت إلى صوابها، فذاك، وإلا فمثلها هجرها مشروع، عسى أن يكون ذلك رادعًا لها، وقد تكون الأولى الصلة، وترك الهجر حسب المصلحة الشرعية، وانظري الفتوى رقم: 21837.
وصلحه معها، أو قطيعته لها، لا تأثير لها على حجه، ولا بأس بأن يودعها عند ذهابه إلى الحج بالاتصال عليها، ولا يلزمه الذهاب إلى بيتها لوداعها.
والله أعلم.