الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنظام تأبيد الإجارة المعمول به في بعض الدول نظام جائر مخالف للشرع، والإجارة فاسدة لعدم تحديد مدة معينة لها، قال ابن المنذر: أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن استئجار المنازل جائز، ولا تجوز إجارتها إلا في مدة معينة معلومة. اهـ. وقد سبق أن بيَّنا ذلك في كثير من الفتاوى، ومنها الفتويان التاليتان: 115215 // 131342.
ومعالجة هذا الوضع مع طول المدة، ووفاة المالك والمستأجر الأصلي، وبقاء ورثة كل منهما في وضع مُورِّثه، كما هو الحال المسئول عنها: أمر مستصعب! وهو أليق بأمر القضاء منه بأمر الفتوى.
وعلى أية حال، فما يمكننا التنبيه عليه هنا إجمالا في شأن هذا النظام وآثاره، هو أن الواجب المالي في الإجارة الفاسدة إنما هو أجرة المثل؛ لأن استيفاء المنفعة بالإجارة الفاسدة سبب لضمان أجرة المثل. وعلى ذلك، فإن كانت الأجرة المدفوعة خلال المدة السابقة هي أجرة المثل، فلا يلزم المستأجر دفع شيء آخر، حتى وإن كان آثما لحيلولته بين العقار ومالكه بقوة القانون دون وجه شرعي.
وأما إن كانت الأجرة دون أجرة المثل، ودون رضا المؤجر، فإن ذمة المستأجر المالية لا تبرأ إلا بأجرة المثل، تُبذل للمالك أو لورثته بعد موته. وانظر في ذلك الفتوى رقم: 43972. والفتوى رقم: 116630 وما أحيل عليه فيها.
وأجرة المثل لا يحددها المالك أو ورثته، وإنما يحكم بها أهل الخبرة في هذا المجال، وراجع في ذلك الفتويين: 110496، 110748.
وراجع للأهمية في أحوال المال المدفوع في إصلاح الشقة المؤجرة الفتوى رقم: 113598.
والله أعلم.