الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتقبل توبتك، وأن يمحو حوبتك، وأن يسبغ عليك لباس الصحة، والعافية.
واعلمي أن الشقة إن كانت حقًّا لغيرك، فيجب عليك التخلص منها فورًا، ولا إذن لزوجك ولغيره في ذلك، ولا يسوغ لك تأخيره إلى وفاتك.
ولو مت فإن الشقة تظل حقًّا لأصحابها، ولا يستحق ورثتك منها شيئًا أبدًا، فلا وجه البتة للسؤال عن حق ورثتك فيما هو ليس حقًّا لك أنت أصلًا!
وبعد هذا نقول: إن المال المأخوذ بغير حق: يكون الخروج من تبعته بالتوبة إلى الله تعالى، والتي تتضمن رد الحق لأصحابه، إن أمكن الوصول إليهم، وإلا بالصدقة به عنهم، إن تعذر ذلك، قال الغزالي -في كيفية التوبة من الذنوب التي بين العبد وبين الناس في المال-: يجب أن ترده عليه إن أمكنك، فإن عجزت عن ذلك -لعدم، أو فقر- فتستحلّ منه، وإن عجزت عن ذلك- لغيبة الرجل أو موته، وأمكن التّصَدُّقُ عنه- فافعل، فإن لم يمكن، فعليك بتكثير حسناتك، والرجوع إلى الله تعالى بالتضرّع، والابتهال إليه أن يرضيه عنك يوم القيامة. اهـ.
فإن لم يمكنك الوصول إلى أصحاب الحقوق -كما هو الشأن غالبًا في أخذ أموال الناس عبر بطاقات الائتمان- فإنك تتصدقين عنهم بقدر ما أخذته منهم -إن كنت تتذكرين قدره، وإلا فتجتهدين في تقديره بما يغلب على ظنك-.
مع التنبه إلى أن الشقة إنما يلزمك الصدقة بها عن أصحاب الحق، إن كانت بقدر المال الذي أخذته، أو بعضه، ولم يكن لك ما تتصدقين به عن حق أصحاب الحق غير تلك الشقة.
علمًا أن من كان عنده مال حرام، فله أن يتصدق به على نفسه، إن كان فقيرًا، جاء في المجموع للنووي - نقلًا عن الغزالي في معرض كلامه عن المال الحرام والتوبة منه ما نصه: وله أن يتصدق به على نفسه وعياله، إذا كان فقيرًا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء، فالوصف موجود فيهم، بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته؛ لأنه أيضًا فقير. اهـ.
وراجعي للفائدة في التوبة من السرقة ونحوها الفتويين: 136917، 139763.
والله أعلم.