الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت أخذت من مال أبيك دون علمه ما تحتاجه لنفقتك بالمعروف، فليس عليك شيء، ولا يلزمك رد هذا المال لأبيك، وراجع الفتوى رقم: 366634
أمّا إذا كنت أخذت هذا المال بغير حق، فالواجب عليك ردّه لأبيك، وإذا كان لك على أبيك دين من ميراث أمّك، فالظاهر -والله أعلم- جواز احتساب هذا المال من الدين الذي على أبيك دون حاجة لإعلامه ورضاه.
قال الزركشي -رحمه الله-: إذَا ثَبَتَ لِشَخْصٍ عَلَى آخَرَ دَيْنٌ، وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ مِثْلُهُ. إمَّا مِنْ جِهَةٍ كَسَلَمٍ وَقَرْضٍ. أَوْ مِنْ جِهَتَيْنِ كَقَرْضٍ وَثَمَنٍ، وَكَانَ الدَّيْنَانِ مُتَّفِقَيْنِ فِي الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالصِّفَةِ، وَالْحُلُولِ، وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ سَبَبُ وُجُوبِهِمَا كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، أَوْ اخْتَلَفَ كَثَمَنِ الْمَبِيعِ وَالْقَرْضِ. فَفِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَصَحُّهُا: عِنْدَ النَّوَوِيِّ، وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ فِي اخْتِلَافِ الْعِرَاقِيِّينَ: أَنَّ التَّقَاصَّ يَحْصُلُ بِنَفْسِ ثُبُوتِ الدَّيْنَيْنِ، وَلَا حَاجَةَ إلَى الرِّضَا. المنثور في القواعد الفقهية.
وجاء في كتاب الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي: وليس من شرط المقاصة في الدينين أن يكون سبب كل منهما جائزاً غير محظور، فلو كان سبب أحدهما جائزاً كالبيع، والآخر محظوراً كالغصب، أو كان السببان محظورين كالاستهلاك، وقعت المقاصة، ولا أثر لعدم مشروعية السبب في منع المقاصة، بعد توفر السبب: وهو ثبوت الدين في الذمة بحيث صار كغيره من الديون التي يجب الوفاء بها. اهـ.
والله أعلم.