الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الغريب أن يصل الحال بين أبناء العمومة، ومن في هذه الدرجة من القرابة إلى هذا الحد من الأذى والقطيعة، وهم بينهم قرابة ومصاهرة، ورحم تجب صلتها، وتحرم قطيعتها. والمرجو من مثلهم أن تكون بينهم الألفة والمحبة، ويسود بينهم التعاون والتناصر، فلا حول ولا قوة إلا بالله!!!. ولتراجع في أمر الرحم الفتوى رقم: 116567، وفي التهاجر بين المسلمين الفتوى رقم: 25074.
وإن كان زوج أختكم - وهو ابن عمكم - يؤذيها ويضربها فلا شك في أن هذا ظلم واعتداء، ولكن كان الأولى أن يتدخل العقلاء كما أمر الله تعالى ليصلحا بينهما، فإما إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان، قال تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}، ولكن الشأن كل الشأن في عدم تحري الحكمة، وفي معالجة الخطأ بالخطأ، وهو ما أدى إلى تفاقم المشكلة.
فالذي نوصي به هو البحث عن سبيل للإصلاح، وتوسيط بعض أهل الفضل، فالإصلاح من أعظم القربات، وفيه كثير من الفضائل، ولذا اهتم به الشرع ووردت بخصوصه نصوص الكتاب والسنة كما هو موضح في الفتوى رقم: 50300، والفتوى رقم: 117937. ولا ينبغي اليأس أبدا، فالله عز وجل على كل شيء قدير، وقلوب العباد بين يديه، فتوجهوا إليه بالتضرع والدعاء، فهو السميع المجيب، والقائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ {البقرة:186}. فإن تم الإصلاح فذاك، وإلا فالإثم على من يصر على القطيعة، وخير المتخاصمين من يبدأ بالسلام.
أما أذيتهم لكم وإساءتهم عليكم فليست عذرا في ترك صلتهم أو سببا مبيحا لقطيعتهم، بل تسقط من وسائل الصلة ما يتسبب في الإساءة والأذى، وتجب الصلة بما هو ممكن من الوسائل الأخرى كالاتصال وغيره، وتراجع الفتاوى ذات الأرقام: 196331، ،136334 228394، 75324.
والله أعلم.