الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحسن إقبالك على التوبة، وهذا هو الواجب في حق من أغواه الشيطان، ووقع في مثل هذا الذنب العظيم، الذي هو كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط علام الغيوب، ولمعرفة حقيقة قذف المحصنات وسوء عاقبته، راجع الفتوى رقم: 238921، والفتوى رقم: 32178.
وبخصوص كيفية التوبة من القذف، وحق الآدمي فيه، راجع الفتوى رقم: 214378.
وعليك إحسان الظن بالله؛ فإنه عند ظن عبده به، وهو القائل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث الإفك الطويل: إن العبد إذا اعترف بذنب، ثم تاب، تاب الله عليه.
ولا يصح القول بأن هذا الذنب يخرج صاحبه من ملة الإسلام، وأنه لن تقبل أعماله، بل فتح الله للقاذف باب التوبة على مصراعيه، بعد أن بين خطورة قذف المحصنات من سورة النور، فقال: إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور:5}.
ولا يجوز للمسلم أن ييأس من رحمة الله، أو ييأس الناس منها، فهذا في ذاته ذنب عظيم. قال تعالى: إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}.
والله أعلم.