الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هناك دليل ظاهر على وفاة الرجل، ولو بإخبار شخص واحد ثقة، فإن امرأته تعتد للوفاة، ويجوز لها بعد انقضاء العدة أن تتزوج.
أمّا إذا كان خبر الوفاة لم يصل إلا بطريق غير موثوق في صحته، لكون المخبرين به غير عدول، بل هم معروفون بالكذب، فلا يحكم بموته بناء على هذا الخبر، ولا تعتد زوجته من وفاته، ولكنها باقية في عصمته حتى تتيقن من موته؛ لأنّ الأصل بقاء الحياة، فلا يحكم بالموت إلا ببينة.
جاء في مسائل حرب الكرماني: قلت لأحمد: امرأة غاب عنها زوجها، فجاءها كتاب من رجل أن الزوج قد مات هل تتزوج؟
قال: لا، إلا أن تقوم بينة به. اهـ.
وجاء في مغني المحتاج: وَلأَنَّ الأَصْلَ بَقَاءُ الْحَيَاةِ, وَالْمُرَادُ بِالْيَقِينِ الطَّرَفُ الرَّاجِحُ، حَتَّى لَوْ ثَبَتَ مَا ذُكِرَ بِعَدْلَيْنِ كَفَى. وَسَيَأْتِي -إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى- فِي الشَّهَادَاتِ، الاكْتِفَاءُ فِي الْمَوْتِ بِالاسْتِفَاضَةِ مَعَ عَدَمِ إفَادَتِهَا الْيَقِينَ. وَلَوْ أَخْبَرَهَا عَدْلٌ وَلَوْ عَبْدًا، أَوْ امْرَأَةً بِمَوْتِ زَوْجِهَا، حَلَّ لَهَا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ تَتَزَوَّجَ; لأَنَّ ذَلِكَ خَبَرٌ لا شَهَادَةٌ. اهـ.
ولكن إذا تضررت الزوجة بطول غياب زوجها، فلها أن ترفع الأمر للقاضي؛ ليفرق بينهما.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: وذهب المالكية إلى جواز التفريق على المحبوس إذا طلبت زوجته ذلك، وادعت الضرر، وذلك بعد سنة من حبسه؛ لأن الحبس غياب، وهم يقولون بالتفريق للغيبة مع عدم العذر، كما يقولون بها مع العذر على سواء؛ كما تقدم. انتهى من الموسوعة.
وللفائدة، راجع الفتوى رقم: 12338
والله أعلم.