الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد ذكر هذه القصة أهل السير والمغازي، واستشهد بها شيخ الإسلام ابن تيمية في الصارم المسلول، وابن قيم الجوزيه في زاد المعاد، وغيرهما على قتل من سب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه تفاصيل القصة كما حكاها شيخ الإسلام رحمه الله في الصارم المسلول، حيث قال: الحديث السادس قصة العصماء بنت مروان، ما روي عن ابن عباس قال: هجت امرأة من خطمة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من لي بها ، فقال رجل من قومها: أنا يارسول الله، فنهض فقتلها، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لا ينتطح فيها عنزان. ، وقد ذكر بعض أصحاب المغازي وغيرهم قصتها مبسوطة. قال الواقدي حدثني عبد الله بن الحارث بن الفضيل عن أبيه أن عصماء بنت مروان من بني أمية بنت زيد كانت تحت يزيد بن زيد بن حصن الخطمي وكانت تؤذي النبي صلى الله عليه وسلم وتعيب الإسلام وتحرض على النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت شعراً: فباست بني مالك والنبيت === وعوف وباست بني الخزرج أطعتم أتاوي من غيركم === فلا من مراد ولا مذحج ترجونه بعد قتل الرؤوس === كما يرتجى مرق المنضج قال عمير بن عدي الخطمي حين بلغه قولها وتحريضها: اللهم إن لك عليّ نذراً لئن رددت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلىالمدينة لأقتلنّها، ورسول الله يومئذ ببدر، فلما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من بدر جاءها عمير بن عدي في جوف الليل حتى دخل عليها في بيتها، وحولها نفر من ولدها نيام منهم من ترضعه في صدرها، فجسها بيده فوجد الصبي ترضعه فنحاه عنها، ثم وضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها، ثم خرج حتى صلى الصبح مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى عمير فقال: أقتلت بنت مروان قال: نعم بأبي أنت يارسول الله، وخشي عمير أن يكون أفتات على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلها، فقال: هل علي في ذلك شيء يارسول الله؟ قال: لا ينتطح فيها عنزان ، فإن أول ما سمعت هذه الكلمة من النبي صلى الله عليه وسلم، قال عمير: فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى من حوله، قال: إذا أحببتم أن تنظروا إلى رجل نصر الله ورسوله بالغيب، فانظروا إلى عمير بن عدي ، فقال عمر بن الخطاب: انظروا إلى هذا الأعمى الذي تسرى في طاعة الله، فقال: لا تقل الأعمى، ولكنه البصير. فلما رجع عمير من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد بنيها في جماعة يدفنونها، فأقبلوا إليه حين رأوه مقبلاً من المدينة، فقالوا: ياعمير أنت قتلتها قال : نعم، فكيدوني جميعاً ثم لا تنظرون، فوالذي نفسي بيده لو قلتم بأجمعكم ما قالت لضربتكم بسيفي هذا حتى أموت أو أقتلكم، فيومئذ ظهر الإسلام في بني خطمة، وكان منهم رجال يستخْفُون بالإسلام خوفاً من قومهم، فقال حسان بن ثابت يمدح عمير بن عدي: قال أنشدنا عبد الله بن الحارث: بني وائل وبني واقف === وخطمة دون بني الخزرج متى ما دعت أختكم ويحها === بعولتها والمنايا تجي فهزت فتى ماجدا عرقه === كريم المداخل والمخرج فضرجها من نجيع الدما === تخرج قبيل الصباح ولم تخرج فأوردك الله برد الجنا === ن جذلان في نعمة المولج قال عبد الله بن الحارث عن أبيه، وكان قتلها لخمس ليالي بقين من رمضان مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من بدر. والله أعلم.