الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعامة أسئلتك دائرة حول هذا النوع من الشبهات التي يوردها الطاعنون في الكتاب العزيز، وهم إما جهال فيهرفون بما لا يعرفون، وإما ملبسون يريدون أن يفسدوا أديان الناس، ويحرفوهم عن الصراط المستقيم، فحذار حذار من هذه الطريق فإنها مهلكة.
وأما ما أوردته فكلام ساقط متهافت، والجواب عنه ما قال الألوسي أن قبل تتعدى بعن لتضمن القبول معنى الإبانة، كما تتعدى بمن لتضمن القبول معنى الأخذ، قال رحمه الله: وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ بالتجاوز عما تابوا عنه والقبول يعدى بعن لتضمنه معنى الإبانة، وبمن لتضمنه معنى الأخذ؛ كما في قوله تعالى: وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ منهم نفقاتهم. انتهى.
وثم أجوبة أخرى قرروها، فمنها ما قاله في فتح البيان وعبارته: (عن عباده) قيل لا فرق بين عن ومن، قال ابن عطية: وكثيراً ما يتوصل في موضع واحد بهذه وهذه نحو لا صدقة إلا عن غني ومن غني وفعل ذلك فلان من أشره وبطره وعن أشره وبطره، وقيل بينهما فرق ولعل (عن) في هذا الموضع أبلغ لأن فيه تبشير القبول للتوبة مع تسهيل سبيلها، وقيل لفظة عن تشعر ببعد ما، تقول جلس عن يمين الأمير أي مع نوع من البعد، والظاهر أن عن هنا للمجاوزة وإذا قلت منه فمعناه ابتداء الغاية. انتهى
ونعود فنختم بما بدأنا به من تحذيرك من هذا المسلك فإنه وخيم العاقبة.
والله أعلم.