الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
قوله تبارك وتعالى: وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ {ق:7}، الإلقاء لا يدل على نزول الجبال الرواسي من السماء.
قال الإمام الطبري رحمه الله: قوله (وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ) يقول: وجعلنا فيها جبالاً ثوابت، رست في الأرض. انتهى.
وقال فخر الدين الرازي: في قوله تعالى: (وألقينا فيها رواسي): والإلقاء معناه الجعل، ألا ترى أنه تعالى قال في آية أخرى: (وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها)، والإلقاء يقارب الإنزال، لأن الإلقاء يدل على طرح الشيء من الأعلى إلى الأسفل، إلا أن المراد من هذا الإلقاء الجعل والخلق، قال تعالى: (وألقيت عليك محبة مني). انتهى.
نستفيد من كلمة (ألقينا فيها) أي جعلنا فيها، وخلقنا فيها، وأوجدنا فيها، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: خلق الله التربة يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد، وخلق الشجر فيها يوم الاثنين، وخلق المكروه يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الأربعاء، وبث فيها الدواب يوم الخميس، وخلق آدم بعد العصر يوم الجمعة، آخر خَلق، خُلق في آخر ساعة من ساعات الجمعة، فيما بين العصر إلى الليل. رواه مسلم في صحيحه، وهو في مسند الإمام أحمد وصحيح ابن خزيمة وصحيح ابن حبان وسنن النسائي الكبرى.
والله أعلم.