الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا في الفتوى رقم: 120386. أن من مارس الطب، وتكلف اختصاصا ليس له دراية به، أو له به دراية لا تؤهله للقيام بمعالجة مثل هذه الحالة، وترتب عليه وفاة المريض فإنه يضمن، ومن المعلوم أن الممرض أقل درجة في علم الطب من الطبيب، وليس له أن يتخذ قرارا طبيا يتعلق بالمريض إذا كان اتخاذ مثل ذلك القرار من اختصاص الطبيب، وليس من اختصاص الممرض، فإن فعل الممرض، واتخذ قرارا ليس له اتخاذه، وترتب عليه موت المريض، فإنه يضمن ـ ولو كان قصده حسنا كإنقاذ المريض ـ لحديث: مَنْ تَطَبَّبَ، وَلَا يُعْلَمُ مِنْهُ طِبٌّ، فَهُوَ ضَامِنٌ. رواه أبو داود في سننه في باب "فِيمَنْ تَطَبَّبَ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَأَعْنَتَ" فإذا أعطى الممرض المريض دواءً، ولم يأمره الطبيب بإعطائه، ومات المريض بسبب ذلك الدواء، فإن الممرض يضمن.
وأما إذا شهد الطبيب المختص بأن القرار كان صائبا، ومات المريض بسبب آخر، وليس بسبب القرار، فإنه لا ضمان على الممرض؛ لأنه لم يتسبب في الوفاة.
وقصد إنقاذ المريض من الموت قصدٌ حسن يثاب عليه الممرض، وعليه أن يفعل ما يعلم أنه سبب لإنقاذه؛ لأن إنقاذ المشرف على الهلاك أمرٌ واجب، ويتعين على من حضره، ولكن ليس له أن يتخرص ويتخذ قرارا لا يعلم هل هو سبب لإنقاذه أم هلاكه.
والله تعالى أعلم.