الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا المرض يجعل أباك لا يعي تصرفاته، فهو معذور؛ لأنه في حكم المجنون، والعقل هو مناط التكليف، وراجع الفتوى رقم: 38109.
ويبدو أن الأمر ليس كذلك، وأنه يعي تصرفاته، بدليل ما ذكرت من أنه إمام مسجد.
فإذا كان يعي تصرفاته، فإنه مؤاخذ بها، ومن المنكر العظيم أن يرمي أمك بالزنا، وهذا قد يقتضي القذف، وهو من كبائر الذنوب، رتب الله عليه العقوبة الدنيوية والأخروية، كما هو مبين في الفتوى رقم: 17640، ورقم: 29732.
وكذلك السب واللعن، والدعاء على الغير إن كان بغير وجه حق، فإنها من المنكرات أيضا.
ونوصيكم بالصبر عليه، والدعاء له بخير، واجتناب ما قد يستفزه من تصرفات. وينبغي أن تسلطوا عليه من ترجون أن يكون لكلامه اعتبار عنده؛ ليذكره بالله تعالى، ويبين له خطورة ما يفعل، خاصة وأنه يصدر ممن ينبغي أن يكون قدوة.
وقد أحسنت بحرصك على البر به، وهو بلا شك واجب، ولا تسقطه الإساءة، كما بينا في الفتوى رقم: 317761.
وابتعادك عنه اتقاء لشره ونحو ذلك، لا يتنافى مع البر، ومن الممكن بره وصلته ولو من غير الاقتراب منه، وراجع الفتوى رقم: 288703.
وبغضك له لأجل تصرفاته، لا حرج عليك فيه -إن شاء الله- فكما ذكرت، فهذه الأمور القلبية لا يستطيع المرء التحكم فيها، وقد قال تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}، وفي سنن ابن ماجه، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه. ولكن كن على حذر من أن يؤدي ذلك بك إلى الإساءة إليه، ولو بأدنى إساءة كالتأفيف مثلا؛ لأن هذا يستوجب الوقوع في العقوق الذي هو من الموبقات العظام، وراجع الفتوى رقم: 299953.
وأما دعاؤه عليك: فإن كان بوجه حق، فنخشى عليك منه، وإن لم يكن بوجه حق، فنرجو أن لا يستجاب له، ومع ذلك كن على حذر من دعوة الوالد، وراجع الفتوى رقم: 107571.
والله أعلم.