الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص المحكي صوته لا يتأذى بذلك، فلا تحرم محاكاته؛ لانتفاء علة المنع، وأما إن كان يتأذى بذلك، فهو محرم؛ لما رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما أحب أن لي كذا وكذا، وأني حكيت إنسانا.
قال المناوي في فيض القدير: (ما أحب أني حكيت إنسانا) أي فعلت مثل فعله، أو قلت مثل قوله منقصا له. انتهى.
فأفهم أنه إن لم يكن متنقصا له، لم يحرم.
وقال الغزالي في الكلام على آفة السخرية، بعد بيان تحريمها، ما عبارته: وكل هذا يرجع إلى استحقار الغير، والضحك عليه، والاستهانة به، والاستصغار له. وعليه نبه قوله تعالى: عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ. أي لا تستحقره استصغارا، فلعله خير منك. وهذا إنما يحرم في حق من يتأذى به. فأما من جعل نفسه مسخرة، وربما فرح من أن يسخر به، كانت السخرية في حقه من جملة المزح. ومنه ما يذم وما يمدح. وإنما المحرم استصغار يتأذى به المستهزأ به، لما فيه من التحقير والتهاون. انتهى.
فعلم أن ما ذكرته مما تفعله مع أصدقائك، هو من جملة المزح، ومنه الممدوح ومنه المذموم، وانظر الفتوى رقم: 260077. والله أعلم.