الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فإن كان السائل أنثى -كما يظهر في بيانات السؤال-، فلتصل ظهرًا في بيتها، فإنها لا تطالب شرعًا بصلاة الجمعة في المسجد، وصلاتها في بيتها خير لها عند ربها، وأعظم لأجرها.
وإن كان السائل رجلًا، فإن وقت الجمعة يبدأ بالزوال في قول جمهور أهل العلم، وعند الحنابلة أن أول وقتها أول وقت صلاة العيد، وقد بينا هذا في الفتوى: 250174 .
وما دام يقلد الجمهور، فلا يصل مع الإمام الذي يبدأ قبل الزوال، وليصل مع الإمام الذي يبدأ بعد الزوال.
ونحن نستبعد أن إمامًا يصلي بالناس الجمعة ويخطب بهم ومع ذلك لا يحسن أن يتلفظ بالسلام، ويقول: "سلامٌ عليكم"، وهذا السؤال مع الأسئلة السابقة يشعر بأن الأخ السائل مصاب بشيء من الوسوسة.
ولو فُرِضَ أن الإمام فعلًا لا يأتي بأل التعريف في التسليم، فصل وراءه إن لم تجد غيره، ونرجو أن يكون لك سعة في قول من يرى أن لفظ: "سلامٌ عليكم" مجزئ في التسليم، قال ابن قدامة في المغني: فَإِنْ قَالَ: سَلَامٌ عَلَيْكُمْ: مُنَكِّرًا مُنَوِّنًا، فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: يُجْزِئُهُ... لِأَنَّ التَّنْوِينَ قَامَ مَقَامَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَلِأَنَّ أَكْثَرَ مَا وَرَدَ فِي الْقُرْآنِ مِنْ السَّلَامِ بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ}، وَقَوْلِهِ: {يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ}، وَقَوْلِهِ: {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ}، وَلِأَنَّا أَجَزْنَا التَّشَهُّدَ بِتَشَهُّدِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَفِيهِمَا: سَلَامٌ عَلَيْك. بِغَيْرِ أَلِفٍ وَلَامٍ، وَالتَّسْلِيمَتَانِ وَاحِدٌ. وَالْآخَرُ: لَا يُجْزِئُهُ ... اهـ.
الماوردي الشافعي في الحاوي: وَأَمَّا الْقَدْرُ الْوَاجِبُ مِنْهُ، فَهُوَ قَوْلُهُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، فَأَمَّا قَوْلُهُ: "وَرَحْمَةُ اللَّهِ" فَمَسْنُونٌ وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ؛ لِصِحَّةِ الْخُرُوجِ مِنَ الصَّلَاةِ بِقَوْلِهِ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ"، وَإِنْ أَسْقَطَ مِنَ السَّلَامِ الْأَلِفَ وَاللَّامَ وَاسْتَبْدَلَ بِهَا التَّنْوِينَ، فَقَالَ: "سَلَامٌ مِنِّي عَلَيْكُمْ" فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يُجْزِئُهُ؛ لِنَقْصِهِ عَمَّا وَرَدَتِ الْأَخْبَارُ بِهِ.
وَالثَّانِي: يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ التَّنْوِينَ بَدَلٌ مِنَ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي الْكَلَامِ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ .. اهــ.
والله تعالى أعلم.