الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فجوابنا على أسئلتك يتلخص فيما يلي:
أولا: إن كنت نصحت المشتري بعدم بيع السجائر لحرمته، فقد أديت ما عليك من النصيحة، ولا تأثم لو لم يستجب لنصحك، وقام ببيعه؛ لقول الله تعالى: وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى {الأنعام: 164}، ولا تأثم لمجرد كون المحل ما زال مسجلا باسمك، ما دمت قد بعته له حقيقة، وخرج عن ملكك.
ثانيا: إن كنت قد بعت له بضاعة المحل بما فيها السجائر، فأنت آثم لبيعه السجائر، وتلزمك التوبة إلى الله تعالى، ومن المعيب في هذه الحال أن تبيع له السجائر وتنهاه عن بيعها، وانظر الفتوى رقم: 259633 عن حكم المال المكتسب من تجارة الدخان.
ثالثا: الأشياء التي في المحل منها ما هو مُعَدٌّ للبيع كالمواد الغذائية، ومنها ما هو من مستلزمات تشغيل المحل كالثلاجات ونحوها، والزكاة إنما تجب في البضاعة المُعَدَّةِ للبيع فقط دون الآلات التي تستعمل في تشغيل المحل.
رابعا: زكاة البضاعة المُعَدَّةِ للبيع هي زكاة عروض التجارة، والزكاة فيها تجب بشرطين، أولهما: بلوغُها النصاب الشرعي من الذهب أو الفضة - 85 جراما من الذهب، أو 595 جراما من الفضة - وثانيهما حولان الحول الهجري على النصاب.
خامسا: المعتبر في بلوغ النصاب في تلك البضاعة هو إما ببلوغ المال الذي اشتُرِيَتْ به - بنفسه أو بما انضم إليه من نقود أخرى عندك، أو ذهب أو فضة- النصاب، وإما ببلوغ البضاعة ذاتِها النصاب بعد شرائها، كما لو ارتفعت قيمتها السوقية وصارت تبلغ نصابا - بنفسها أو بما انضم إليها من نقود أخرى عندك، أو ذهب أو فضة- ولو كان أصل المال الذي اشتريتها به لم يكن قد بلغ النصاب.
سادسا: متى توفر النصاب وبقي حولا قمريا كاملا، فقد وجبت فيه الزكاة، ومقدارها ربع العشر أي 2.5% وإذا لم تخرجها في وقتها، وجب عليك إخراجها الآن.
سابعا: بالنسبة للديون التي عليك في تلك المدة، إذا كانت وقت وجوب الزكاة لو خصمتها من قيمة البضاعة نقص ما بقي من قيمتها عن النصاب، فلا زكاة عليك حينئذ، إلا إذا كانت عندك أموال أخرى زائدة عن حاجتك، يمكن أن تجعلها في مقابلة تلك الديون، فيجب عليك في هذه الحال أن تخرج الزكاة عن البضاعة، وليس لك أن تخصم قيمة الديون من نصاب الزكاة، وانظر الفتوى رقم: 180105.
ثامنا: مستحقات فواتير الكهرباء إن كنت تدفعها أثناء السنة، فلا تحسبها؛ لأنها خرجت عن ملكك أثناء الحول، وبالتالي فليست من مالك. وإن لم تدفعها وحال الحول على البضاعة قبل دفع تلك الفواتير، فهي إذاً من باب الدين، وسبيلها سبيل ما ذكرناه آنفا من الدين.
تاسعا: تنظر في كل سنة من السنوات الأربع على هذا التفصيل الذي ذكرناه، ومتى علمت أن الزكاة قد وجبت في سنةٍ منها ولم تعلم مقدارها على وجه اليقين، فلا مناص من التقدير.
جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: من وجبت عليه زكاة وأخرها بغير عذر مشروع، أثم؛ لورود الأدلة من الكتاب والسنة بالمبادرة بإخراج الزكاة في وقتها، ومن وجبت عليه زكاة ولم يخرجها في وقتها المحدد، وجب عليه إخراجها بعد، ولو كان تأخيره لمدة سنوات، فيخرج زكاة المال الذي لم يزك لجميع السنوات التي تأخر في إخراجها، ويعمل بظنه في تقدير المال وعدد السنوات إذا شك فيها، لقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ. اهـ.
عاشرا: تجب الزكاة في الثمن الذي قبضته عند بيع المحل، لكن ثمن البضاعة حوله هو استمرارٌ لحول البضاعة نفسها، أو حول المال الذي اشْتُرِيَتْ به، على ما ذكرناه في النقطة الخامسة، وثمن المعدات المستعملة في المحل كالثلاجات ونحوها، تستقبل به حولا جديدا، وتخرج زكاته بعد الحول ولو كان أقل من النصاب، إذا كان يبلغ النصاب بمال آخر عندك، وانظر الفتوى رقم: 271492.
والله تعالى أعلم.