الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالخوف من الموت طبيعة بشرية مركوزة في الفطرة، لكن شتان بين خوف المؤمن بالله واليوم الآخر الذي يدفعه إلى تعجيل التوبة والنشاط في عبادة الله والإحسان إلى خلقه، وبين خوف الكافر والفاجر الذي يجزع من ذكر الموت بسبب تعلقه الشديد بالدنيا، واطمئنانه بها، واعتبارها نهاية المطاف، قال تعالى: وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق: 19].
قال الطاهر بن عاشور -رحمه الله-: وَالْخِطَابُ لِلْمَقْصُودِ مِنَ الْإِنْسَانِ، وَبِالْمَقْصُودِ الْأَوَّلِ مِنْهُ وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ؛ لِأَنَّهُمْ أَشَدُّ كَرَاهِيَةً لِلْمَوْتِ؛ لِأَنَّ حَيَاتَهُمْ مَادِّيَّةٌ مَحْضَةٌ فَهُمْ يُرِيدُونَ طُولَ الْحَيَاةِ؛ قَالَ تَعَالَى: وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ [الْبَقَرَة: 96]؛ إِذْ لَا أَمَلَ لَهُمْ فِي حَيَاةٍ أُخْرَى، وَلَا أَمَلَ لَهُمْ فِي تَحْصِيلِ نَعِيمِهَا، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَإِنَّ كَرَاهَتَهُمْ لِلْمَوْتِ الْمُرْتَكِزَةَ فِي الْجِبِلَّةِ بِمِقْدَارِ الْإِلْفِ، لَا تَبْلُغُ بِهِمْ إِلَى حَدِّ الْجَزَعِ مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ، أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ، كَرِهَ اللَّهُ لقاءه» التحرير والتنوير.
وراجع الفتوى رقم: 97322، والفتوى رقم: 286168
وأمّا سؤالك عن حكم الكلام مع من تحب عبر وسائل التواصل، فإن كان المقصود السؤال عن حكم الكلام مع امرأة أجنبية، فهذا غير جائز؛ لما فيه من الفتنة، وما يترتب عليه من المفاسد، فقد نص بعض أهل العلم على المنع من مكالمة الأجنبية دون حاجة. قال العلّامة الخادمي -رحمه الله- في كتابه: بريقة محمودية -وهو حنفي- قال: التكلم مع الشابة الأجنبية لا يجوز بلا حاجة؛ لأنه مظنة الفتنة. اهـ.
أمّا الكلام المباح مع الرجال أو النساء المحارم، فلا حرج فيه، سواء كان عبر وسائل التواصل أو غيرها.
والله أعلم.