الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول أولا: لا يمكننا الحكم على ذلك الرجل هل هو من أهل الزكاة أم لا؟ بناء على تلك المعلومات التي ذكرتها فقط، وذلك أن استحقاقه للزكاة بوصفه غارما، يتطلب التحقق من أمور:
منها: لزوم تلك الأموال له؛ إذ الأصل أن المضارب لا يضمن مال المضاربة، ما لم يفرط أو يتعدَّ.
ومنها: عدم قدرته على ردها لأصحابها، لاحتمال أن تكون تلك الأموال التي كانت بيده ما زالت تحت حوزته، وقد أخفاها وادعى تلفها.
ثانيا: لو فرضنا أن تلك الأموال لازمة له، وأنه عاجز عن ردها لأصحابها، فلا يُجزِئُ أن تُدفع الزكاة لهم بغير إذنه هو.
قال الإمام النووي في المجموع عن سهم الغارمين: وَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ، إلَّا بِإِذْنِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَلَوْ صُرِفَ بِغَيْرِ إذْنِهِ، لَمْ يُجْزِئْ الدَّافِع عَنْ زَكَاتِهِ ... اهـ.
وفي مغني المحتاج عن تسليم مال الزكاة إلى السيد بغير إذن المكاتب، وإلى صاحب الدين بغير إذن الغارم. قال: وَتَسْلِيمُهُ إلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُكَاتَبِ أَوْ الْغَارِمِ لَا يَقَعُ زَكَاةً؛ لِأَنَّهُمَا الْمُسْتَحِقَّانِ، وَلَكِنْ يَسْقُطُ عَنْهُمَا بِقَدْرِ الْمَصْرُوفِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَدَّى عَنْهُ دَيْنَهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ. اهـ.
ومن كان من أصحاب تلك الأموال فقيرا أو مسكينا، جاز صرف الزكاة له من سهم الفقراء والمساكين؛ لأنه هو نفسه من أهلها، ولكن لا تُدفَعُ له الزكاة من سهم الغارمين نيابة عن ذلك المضارب.
والله تعالى أعلم.