الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فانا قد قدمنا بالفتوى رقم: 29320 أن علامة الصليب عند النصارى هي ما يشير إلى إنسان مصلوب، فتكون من عمودين متقاطعين أحدهما رأسي، والآخر عرضي، ويكون جزء العمود الرأسي من أعلى أقصر منه من الأسفل.
ولو ثبت كون الموجود في العلم المذكور صليبا، فإنه يكره عند الجمهور لبس ما فيه صليب، وللحنابلة قول بتحريمه، وقد رجح التحريم بعض أهل العلم.
قال النووي في المجموع: وأما الثوب الذي فيه صور، أو صليب، أو ما يلهي، فتكره الصلاة فيه، وإليه، وعليه؛ للحديث. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف: يكره الصليب في الثوب ونحوه، على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب، ويحتمل تحريمه، وهو ظاهر نقل صالح. قلت: وهو الصواب. انتهى.
وقال البهوتي في كشاف القناع: ويكره جعل صورة الصليب في الثوب ونحوه ـ كالطاقية والدراهم والدنانير والخواتيم وغيرها، لقول عائشة: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يترك في بيته شيئا فيه تصليب، إلا قضبه. رواه أبو داود. قال في الإنصاف: ويحتمل تحريمه، وهو ظاهر. انتهى.
ولا يلزم رميه في حال ثبوت كون المرسوم على العلم صورة صليب، بل يكفي علاج الأمر بطمس الصليب أو كشطه؛ لما في حديث البخاري عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب، إلا نقضه.
قال الإمام الشوكاني رحمه الله: قوله: (فيه تصاليب) أي: صورة صليب من نقش ثوب أو غيره (نقضه) أي: كسره وأبطله، وغيَّر صورة الصليب. .... اهـ.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- عن ساعات تحمل إشارة صليب. فهل استعمالها مباح أم لا؟
فأجاب الشيخ رحمه الله: ينبغي أن يعرف أن الصليب كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكسره، ويزيله عليه الصلاة والسلام. فإذا كان الصليب مجسماً، وجب كسره. وإذا كان بالتلوين كما يوجد في بعض الساعات، فإنه يطمس بأن يوضع عليه لون يزيل صورته حتى لا يبقى في الساعة شيء منه، ولا ينبغي للإنسان أن يحمل في يده ما فيه شعار النصارى؛ فإن هذا فيه من تعظيمهم ما هو ظاهر. وفيه أيضاً من التشبه بهم..... انتهى.
والله أعلم.