الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرجوع زوجك عن اتفاقه معك على المبيت عندك ثلاث ليال متتالية، لا حرج فيه، وليس من نقض العهد المذموم؛ لأنّ مبيت الليالي المتتالية لا يجوز إلا برضا الزوجة الأخرى.
قال ابن قدامة: يَقْسِمُ بَيْنَ نِسَائِهِ لَيْلَةً لَيْلَةً، فَإِنْ أَحَبَّ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ، لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُنَّ. وَقَالَ الْقَاضِي: لَهُ أَنْ يَقْسِمَ لَيْلَتَيْنِ لَيْلَتَيْنِ، وَثَلَاثًا ثَلَاثًا. وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بِرِضَاهنَّ. وَالْأَوْلَى مَعَ هَذَا لَيْلَةٌ وَلَيْلَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لَعَهْدِهِنَّ بِهِ، وَتَجُوزُ الثَّلَاثُ؛ لِأَنَّهَا فِي حَدِّ الْقِلَّةِ، فَهِيَ كَاللَّيْلَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَلَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا قَسَمَ لَيْلَةً وَلَيْلَةً، وَلِأَنَّ التَّسْوِيَةَ وَاجِبَةٌ، وَإِنَّمَا جَوَّزَ بِالْبِدَايَةِ بِوَاحِدَةٍ، لِتَعَذُّرِ الْجَمْعِ، فَإِذَا بَاتَ عِنْدَ وَاحِدَةٍ لَيْلَةً، تَعَيَّنَتْ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ حَقًّا لِلْأُخْرَى، فَلَمْ يَجُزْ جَعْلُهَا لِلْأُولَى بِغَيْرِ رِضَاهَا. المغني لابن قدامة.
ومن حقّك على زوجك أن يعدل بينك وبين زوجته الأخرى، فيبيت عندك ليلة وعندها ليلة، ولا يجوز له أنّ يخص إحداكن بمدة متتالية، أو بأيام عيد أو جمعة ونحوها، إلا أن يتم ذلك بالتراضي بين الجميع. وانظري الفتوى رقم: 79949
وأمّا هجر زوجك لك، فإن كان لغير مسوّغ فهو محرم غير جائز، وقد يكون مسوّغاً للتطليق على الزوج عند الرفع إلى الحاكم. قال الدردير(المالكي) رحمه الله: ولها: أي للزوجة التطليق على الزوج بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعا كهجرها بلا موجب شرعي ...
وإن كان هجره لمسوّغ بأن ظهر منك نشوز، فوعظك ولم ترجعي، فهجره لك في المضجع جائز، لكن اختلف أهل العلم في حكم الهجر خارج البيت، فمنعه بعضهم، وأجازه البعض عند الحاجة، وقد بينا ذلك في الفتوى رقم: 103280
والذي ننصحك به أن تتفاهمي مع زوجك، وتصبري عليه، ولا تتعجلي في سؤال الطلاق، فالطلاق ليس بالأمر الهين، فلا ينبغي أن يصار إليه إلا عند تعذر جميع وسائل الإصلاح، وإذا استطاع الزوجان الاجتماع والمعاشرة بالمعروف، ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات، والتنازل عن بعض الحقوق، كان ذلك أولى من الفراق.
والله أعلم.