الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف أهل العلم في الوارث الذي يعلم أن في مال مورثه شيئًا من الحرام، هل يطيب له أم لا؟
والراجح عندنا أن المال الحرام لا يحل لورثة حائزه، سواء كان مالكه مجهولًا أم معروفًا.
وإن جهل الوارث قدر الحرام، اجتهد في تقديره، فإن عجز لاختلاط الحلال بالحرام، جعل ذلك نصفين، فأخرج نصفه، وأخذ نصفه، وراجعي في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 9712، 9616، 171527.
ولا يجوز التصدق بقدر هذا المال، أو إنفاقه في جهات البر، إن كان له مالك معين -كما هو الحال هنا- وأمكن الوصول إليه، أو إلى ورثته إن كان قد مات، قال النووي في المجموع: قال الغزالي: إذا كان معه مال حرام، وأراد التوبة، والبراءة منه، فإن كان له مالك معين، وجب صرفه إليه، أو إلى وكيله. فإن كان ميتًا، وجب دفعه إلى وارثه، وإن كان لمالك لا يعرفه، ويئس من معرفته، فينبغي أن يصرفه في مصالح المسلمين العامة، كالقناطر، والربط، والمساجد، ومصالح طريق مكة، ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه، وإلا فيتصدق به على فقير، أو فقراء. اهـ.
وأما قول السائلة: (لا يوجد من أأتمنه وسيطًا لإيصال المبلغ، ولو عن طريق البريد ..) فلا نوافقها عليه، فإن اللبيب لا يعدم طريقة لإيصال الحق لصاحبه، دون أن يفتضح أمره. وما سبق خاص بالمال الموروث.
وأما الهبة المملوكة في حياة الواهب، فلا حرج على السائلة في الانتفاع بها كلها؛ لأن مال والدها مختلط، فيه الحلال والحرام، وقبول هبة صاحب المال المختلط مكروه، وليس بحرام على الراجح.
وقال بعض أهل العلم: تجوز إذا غلب الحلال على الحرام، وتحرم إذا غلب الحرام على الحلال، كما سبق بيانه في الفتويين: 7707، 6880.
والله أعلم.