الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالكلام المنقول في واد، والسؤال في واد آخر، فلا تعلق لسؤالك بما نقلته من كلام في حكم المائعات.
وأما جواب سؤالك: فاعلم أنه لا يجوز لك ترك الاستنجاء رأسًا، وليست الوسوسة عذرًا في ترك الاستنجاء، بل عليك أن تستنجي، أو تستجمر بثلاثة أحجار منقية، وتدع عنك الوسوسة، ولا تبالي بها.
والاستجمار مطهر للمحل على أحد القولين، ومن ثم؛ فلا ينجس ما لاقى المحل بعد الاستجمار من المني.
وأما إن لم تستنج بالماء، أو تستجمر بالحجارة، وما في معناها، فإن المني الخارج إذا لاقى شيئًا من البول على المحل، فإنه ينجس بذلك، ويجب الاستنجاء منه، قال البغوي: ومني الآدمي طاهر؛ وهو قول عبد الله بن عباس؛ وبه قال عطاء. فإن بال، أو أمذى، ثم أمنى قبل غسل ذكره، ينجس المني بملاقاة البول. انتهى.
وقال في شرح المنتهى: وَأَمَّا مَنِيُّ الْمَأْكُولِ، فَطَاهِرٌ. وَكَذَا مَنِيُّ الْآدَمِيِّ- ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى- عَنْ احْتِلَامٍ، أَوْ جِمَاعٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا. فَلَا يَجِبُ فَرْكٌ، وَلَا غُسْلٌ. وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَنْ اسْتِجْمَارٍ. وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَخْرَجِ نَجَاسَةٌ، فَالْمَنِيُّ نَجَسٌ، لَا يُعْفَى عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ. انتهى.
فهذان نقلان عن فقهاء الشافعية، والحنابلة القائلين بطهارة المني يفيدانك أن المحل إذا كان متنجسًا وخرج المني، فلاقى تلك النجاسة، تنجس بذلك.
وأما الحنفية، والمالكية فيقولون بنجاسة المني أصلًا.
وبكل حال؛ فيجب عليك الاستنجاء، ولكن تستنجي بصورة عادية طبيعية، غير ملتفت إلى الوساوس، ولا مكترث بها.
والله أعلم.