الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فشكر الله لك تواصلك معنا، ونصحك لنا، لكن اعلم -وفقك الله- أن الإمام أحمد عنه روايات في إخراج القيمة في الزكاة، والمعتمد في المذهب عدم الإجزاء مطلقا، وعنه رواية بالإجزاء مطلقا، وأخرى بالإجزاء في غير صدقة الفطر، وعنه رواية رابعة وهي الإجزاء للحاجة والمصلحة، وتلك التي اختارها شيخ الإسلام رحمه الله.
ودونك ما في الإنصاف في هذه المسألة، والذي كان عليك أن تراجعه قبل أن تنكر علينا؛ لأنه مظنة الروايات المختلفة في المذهب الحنبلي.
قال المرداوي -رحمه الله- في الإنصاف: قوله: ولا يَجُوزُ إخْرَاجُ القِيمَةِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. أعْنِي، سواءٌ كان ثَمَّ حاجَةٌ أم لا، لمَصْلَحَةٍ أوْ لا، الفِطْرَةُ وغيرُها. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به في «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه في «الفُروعِ» وغيرِه. وعنه، تُجْزِئُ القِيمَةُ مُطْلَقًا. وعنه، تُجْزِئُ في غيرِ الفِطْرَةِ. وعنه، تُجْزِئُ للحاجَةِ، مِن تعَذُّرِ الفَرْضِ ونحوِه. نقلَها جماعَةٌ؛ منهم القاضي في «التَّعْلِيقِ». وصحَّحَها جماعَةٌ؛ منهم ابنُ تَميمٍ، وابنُ حَمْدانَ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ. وقيلَ: ولمَصْلَحَةٍ أيضًا. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أيضًا. وذكَر بعضُهم رِوايَةً، تُجْزِئُ للحاجَةِ. انتهى.
فبان لك بوضوح أنه لا إنكار علينا في نسبة هذا القول إلى الإمام أحمد -رحمه الله- وأن الفتوى التي أنكرتها مستقيمة بلا شك، على أنه في واقع الأمر نحن لم ننسب للإمام أحمد شيئا، وإنما ذكره شيخ الإسلام فيما نقلناه عنه، والنقل في الفتوى المذكورة عن شيخ الإسلام، مع أنه كان جوابا حول زكاة التجارة -كما ذكرت- إلا أن كلام شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى- في السياق كان حول إخراج القيمة في الزكاة عموما ومنها زكاة الفطر، وهذا ما ألمحنا إليه قبل أن ننقل كلامه.
ونصيحتنا لك هي ألا تتعجل في الإنكار قبل أن تتثبت، وتراجع كلام أهل العلم.
والله أعلم.