الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حق الأم عظيم، وبرّها من أوجب الواجبات، ومن أفضل القربات، ولا سيما إذا كانت على الحال التي ذكرت من الكبر والضعف والمرض، فمن حقها على أولادها الخدمة والرعاية.
قال ابن مفلح -رحمه الله-: ومن حقوقهما: خدمتهما إذا احتاجا أو أحدهما إلى خدمة، وإجابة دعوتهما، وامتثال أمرهما ما لم يكن معصية على ما مر، والتكلم معهما باللين. غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب.
وهذه الخدمة والرعاية واجبة على جميع الأولاد، فإما أن يقوموا بخدمتها بأنفسهم بالتناوب فيما بينهم، وإمّا أن يوفروا لها من تقوم بخدمتها، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 127286
وعليه؛ فالذي ننصح به أن تتعاونوا وتؤجروا لأمكم امرأة أمينة تقوم بخدمتها، من مال الأم إن كانت موسرة، وإلا فمن أموالكم، ثمّ عليكم رعايتها وصلتها بقدر استطاعتكم، فمن تيسرت له الزيارة عليه أن يتعاهدها بالزيارة، ومن شقّت عليه الزيارة كحال السائلة في سفرها البعيد، فيكفيها الاتصال بالهاتف ونحوه.
واعلموا أنّ برّ أمّكم من أعظم أسباب رضوان الله وتوفيقه، وهو باب من أبواب الجهاد في سبيل الله، فعن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَجُلٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أُجَاهِدُ؟ قَالَ: لَكَ أَبَوَانِ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ. متفق عليه.
والله أعلم.