الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكل البنت من الطعام الذي أعده والدها الذي يقع في المنكرات، ليس فيه رضا بما يفعله الأب من المنكرات، وليس ذلك من المجاملة على حساب الدين.
فلها أن تأكل من طعام أبيها ولو كان مصرا على المعاصي، وعليها أن تبرّه وتحسن إليه، وتنكر عليه ما يقع فيه من المنكرات، برفق وأدب؛ فإنّ أمر الوالدين بالمعروف، ونهيهما عن المنكر ليس كأمر ونهي غيرهما.
قال ابن مفلح الحنبلي –رحمه الله-: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ يُوسُفَ بْنِ مُوسَى: يَأْمُرُ أَبَوَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمَا عَن الْمُنْكَرِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: إذَا رَأَى أَبَاهُ عَلَى أَمْرٍ يَكْرَهُهُ، يُعَلِّمُهُ بِغَيْرِ عُنْفٍ وَلَا إسَاءَةٍ، وَلَا يُغْلِظُ لَهُ فِي الْكَلَامِ، وَإِلَّا تَرَكَهُ، وَلَيْسَ الْأَبُ كَالْأَجْنَبِيِّ. الآداب الشرعية.
وقال الشيخ ابن باز –رحمه الله-: " ... ... فالمقصود أن الوالدين لهما شأن عظيم، فلا يهجرهما الولد، بل يتلطف بنصيحتهما وتوجيههما للخير، ويستعين على ذلك بمن يتيسر من أخوال أو إخوان أو أعمام، أو.." فتاوى نور على الدرب لابن باز.
ولكن إذا رأت أن امتناعها عن الطعام وسيلة لثني والدها عن المنكرات، فلها أن تمتنع ما لم يصل الأمر إلى تضررها أو إغضابه هو.
والله أعلم.