الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس في الفتوى التي نقلها السائل تفريق بين منكر ومنكر، وإنما فيها التفريق بين أفلام الرسوم المتحركة بحسب الغالب عليها، فإن غلب عليها ما يحمد في الشرع جازت، وإن غلب عليها ما ينكر لم تجز، وإن استويا تركت احتياطًا، وقد جاء في فتوى أخرى في الموقع نفسه للدكتور الفنيسان أيضًا، قوله: إنتاجها وبيعها وشراءها ومشاهدتها جائز كله، ما دامت منضبطة بالضوابط الشرعية، كسلامة القصد وصحته، وألاّ تشتمل على عبارات شركية، أو بدعية، أو مخلة بالآداب، والأخلاق الإسلامية. اهـ.
وعلى أية حال؛ فالمفتى به عندنا هو اشتراط الخلو من المحاذير الشرعية، ولا يكتفى بغلبة الخير على الشر.
وقد سبق لنا عرض لمجمل المحاذير والمآخذ التي قد تشتمل على بعضها هذه الأفلام، وهي:
أولًا: أن يكون مضمون الفلم مخلًّا بالشريعة الإسلامية؛ كأن يشتمل على ما يناقض أصول الإسلام وعباداته وأخلاقه وآدابه، من تحقير، أو تخطئة لها، أو تزيين، أو تفضيل لما يخالفها بالقول أو بالفعل والحركة، وكأن يتقمص الممثل شخصيات الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام-.
ثانيًا: أن تشارك فيه المرأة متبرجة غير محتشمة، أو تؤدي أدوارًا غير لائقة بها.
ثالثًا: أن يشتمل على الموسيقى صراحة، بحيث تكون مصاحبة للفيلم، وليس للمستخدم خيار في حذفها وإلغائها.
وقلنا: إن هذه المخالفات أدناها يبلغ حد التحريم على الصحيح من مذاهب أهل العلم؛ إذ النصوص متضافرة على تحريم أي منها؛ لما تفضي إليه من فساد المعتقد، وهدم الأخلاق، وكسر حاجز الحياء، واستمراء المحرم والتهوين من شأنه، والاشتغال بالباطل، وإضاعة المال .. ونحو ذلك.
وعليه؛ فأي فيلم اشتمل على شيء من ذلك، فهو محرم، لا يجوز إعداده، ولا الاتجار به، ولا مشاهدته؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان، والرضى بالمنكر وإقراره، والغش للنفس والأهل وعموم المسلمين.
وراجع الفتوى رقم: 3127.
وعلى ذلك؛ فلا يجوز إظهار شاب يدخن في فيلم من أفلام الرسوم المتحركة، إلا إذا كان على سبيل بيان مخاطر الشر وتقبيحه، والتحذير والتنفير منه، وليس كذلك إظهار ما سماه السائل باللقطات المخلة؛ لكونها فتنة بذاتها، ولما يترتب عليها من إثارة الشهوات، والتطلع إلى الحرام.
والله أعلم.