الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
هذا الأثر رواه الحافظ البيهقي -رحمه الله- في شعب الإيمان، وقد أورده في باب في الرجاء من الله تعالى تحت فصل قال فيه البيهقي رحمه الله: وكما لا ينبغي أن يكون الخوف إلا من الله -عزَّ وجلَّ- كذلك لا ينبغي أن يكون الرجاء إلا منه. اهـ.
قال الحافظ البيهقي: حدثنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن سهل الصيرفي ببغداد، حدثنا أبو عثمان الخياط الزاهد، حدثنا سعيد بن بحر الطراطيسي، حدثني بهدلة بن نمير قال: كنت في مجلس يزيد بن هارون أكتب الحديث بواسط، وكانت نفقتي قد قلت، فقال لي رجل من الزهاد: من تؤمل في هذا البلد لما نزل بك؟ فقلت: يزيد بن هارون، فالتفت إلي مغضبًا قال لي: إذاً والله لا ينفعك في حاجتك ولا يبلغك أملك ولا يعطيك سؤالك، فقلت له ولم ذلك؟ قال: لأني قرأت في الكتب السالفة: أن الله تبارك وتعالى يقول في بعض أسفار التوراة: وعزتي وجلالي وجودي وكرمي لأقطعن أمل كل مؤمل غيري باليأس، ولألبسنَّه ثوب المذلة ما بقي في الناس، ولأنحينه عن بابي، ولأطردنه من وصلي. أيؤمل غيري في الشدائد؟ ويرجى غيري ويطرق بالفقر أبواب الملوك والأبواب المغلقة ومفاتيحها بيدي؟ وبابي مفتوح لمن دعاني، من الذي قرع بابي فلم أفتح له؟ ومن الذي دعاني فلم أجبه، ومن الذي سألني فلم أعطه. وذكر حديثاً طويلاً.
وقد ذكر هذه القصة أيضاً الحافظ أبو نعيم في الحلية.
ولا شك أن هذه القصة لم ترفع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما أخذت من كتب بني إسرائيل، وهي كتب قد حرفت تحريفاً شديداً، ومع ذلك فلا حرج في التحديث بما فيها بشرط ألا يحدث به على طريق الجزم، ولا يشتمل على غرابة، ولا يخالف أصلاً ثابتاً، وألا يعزى إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل يعزى إلى هذه الكتب، وذلك لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث عبد الله بن عمرو: وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج. رواه البخاري.
وفي النفس من ثبوت هذا الأثر ما فيه لما يشتمل عليه من غرابة، وفيما ثبت في كتاب الله تعالى وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ما يغني عن مثله. فقد قال -جلَّ وعلا-: أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل:62]، وقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: أنا عند ظن عبدي بي. متفق عليه من حديث أبي هريرة.
والله أعلم.