الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما يسأل عنه الأخ السائل محل خلاف بين أهل العلم، فجمهورهم على تقويم نصاب عروض التجارة بالأحظ للفقراء، فإذا بلغت نصاب أي من النقدين -الذهب أو الفضة- وجبت فيها الزكاة.
وذهب بعضهم إلى اعتبار أصل العروض، فيقدر نصابها بالنقد الذي اشتريت به، وإلا فبالنقد الغالب في البلد.
جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء فيما تقوم به عروض التجارة: بالذهب أم بالفضة؟ فذهب الحنابلة وأبو حنيفة في رواية عنه عليها المذهب، إلى أنها تقوم بالأحظ للفقراء، فإن كان إذا قومها بأحدهما لا تبلغ نصابا، وبالآخر تبلغ نصابا، تعين عليه التقويم بما يبلغ نصابا.
وقال أبو حنيفة في رواية عنه: يخير المالك فيما يقوم به؛ لأن الثمنين في تقدير قيم الأشياء بهما سواء.
وقال الشافعية وأبو يوسف: يقومها بما اشترى به من النقدين، وإن اشتراها بعرض، قومها بالنقد الغالب في البلد.
وقال محمد: يقومها بالنقد الغالب على كل حال، كما في المغصوب والمستهلك ... . اهـ.
وأما المالكية فاعتبروا في كل جنس ما يباع به غالبا.
قال القرافي في (الذخيرة): يقوم ما يباع بالذهب، بالذهب، وما يباع غالبا بالفضة، بالفضة؛ لأنه قيمة الاستهلاك. فإن كانت تباع بهما واستويا بالنسبة إلى الزكاة، يُخيَّر. وإلا فمن قال: "الأصل في الزكاة الفضة" قوَّم بها. وإن قلنا: إنهما أصلان. فقال أبو حنيفة وابن حنبل: يعتبر الأفضل للمساكين؛ لأن التقويم لحقهم. اهـ.
وقال أبو الحسن الشاذلي المالكي في كفاية الطالب الرباني لرسالة ابن أبي زيد القيرواني، وميارة في الدر الثمين: يقوم كل جنس بما يباع به غالبا في ذلك الوقت قيمة عدل .. فالديباج وشبهه، والرقيق والعقار يقوم بالذهب، والثياب الغليظة واللبيسة وشبهها، تقوم بالفضة. اهـ.
والأظهر هو قول الجمهور، وهو الذي اختارته اللجنة الدائمة للإفتاء.
ففي فتاويها: وأما عروض التجارة: فما أعد لبيع وشراء من صنوف الأموال، وتجب الزكاة فيها إذا بلغت قيمتها نصابا من الذهب أو الفضة، وملكها بفعله بنية التجارة بها، وتقوم عند الحول بما هو أحظ للفقراء والمساكين من ذهب أو فضة .. اهـ.
وبما سبق يعلم السائل حكم ما سأل عنه، وهو أنه محل خلاف، وأن المرجح عندنا اعتبار الأحظ للفقراء، وهو هنا التقويم بالفضة.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها: 343810، 326599، 334966، 325735.
والله أعلم.