الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجزم بالحكم على المعتزلة بأنهم في النار! وإنما يحكم عليهم بأنهم من الفرق الضالة التي يتناولها هذا الحديث، ولذلك ختم الطحاوي عقيدته بقوله: فهذا ديننا واعتقادنا ظاهرا وباطنا، ونحن برآء إلى الله من كل من خالف الذي ذكرناه وبيناه، ونسأل الله تعالى أن يثبتنا على الإيمان، ويختم لنا به، ويعصمنا من الأهواء المختلفة، والآراء المتفرقة، والمذاهب الردية، مثل: المشبهة، والمعتزلة، والجهمية، والجبرية، والقدرية، وغيرهم من الذين خالفوا السنة والجماعة، وحالفوا الضلالة، ونحن منهم برآء، وهم عندنا ضلال وأردياء، وبالله العصمة والتوفيق. اهـ.
وقال السفاريني في لوامع الأنوار البهية: قال بعض أهل العلم: أهل البدع خمسة ـ يعني: من جهة أصولها ـ ثم كل فرقة تتشعب وتتفرق فرقا شتى:
أحدها: المعتزلة القائلون بأن العباد خالقوا أعمالهم، وينفون رؤية الله تعالى في الآخرة، ويقولون بوجوب الثواب والعقاب، والصلاح والأصلح على الله، ومن أصول المعتزلة: القول بالعدل، وثبوت المنزلة بين المنزلتين، والتوحيد، يعني نفي الصفات كما تقدم، وهم عشرون فرقة، يضلل بعضهم بعضا، ثم سردها وذكر عقائدها، ثم قال: فهذه العشرون فرقة المشهورة من فرق أهل الاعتزال، وكلها متصفة بالبدع والضلال. اهـ.
ثم ذكر بقية الفرق، ثم قال: ولا يخفى ما في عد هذه الفرق من التداخل، والمشهور أن أصول الفرق الضالة سبعة: أولها المعتزلة، ثم الشيعة، فالخوارج، فالمرجئة.... اهـ.
وإن كنا لا نجزم بأن المعتزلة في النار، فأبعد من ذلك وأشنع: الجزم بذلك على آحادهم وأعيانهم، الزمخشري أو غيره! وراجع في ذلك الفتويين رقم: 117397، ورقم: 294424.
بل إن الكافر الأصلي المعين لا يقطع عليه بأنه سيدخل النار إلا بنص خاص فيه، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 245968.
والله أعلم.