الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي يظهر أن الإمام قد سبقك بركن كامل, وهو الاعتدال من الركوع.
يقول النووي في المجموع: وأما بيان صورة التخلف بركن، فيحتاج إلى معرفة الركن الطويل والقصير. فالقصير الاعتدال عن الركوع، وكذا الجلوس بين السجدتين -على أصح الوجهين- والطويل ما عداهما. قال أصحابنا: والطويل مقصود في نفسه، وفي القصير وجهان للخراسانيين (أصحهما) وبه قال الأكثرون، ومال إمام الحرمين إلى الجزم به، أنه مقصود في نفسه.
وقال أيضا: فلو هوى إلى السجود ولم يبلغه، والمأموم بعد في القيام. فإن قلنا بالمأخذ الأول، لم تبطل؛ لأنه لم يشرع في ركن مقصود. وإن قلنا بالثاني بطلت؛ لأن ركن الاعتدال قد تمّ. هكذا رتب المسألة إمام الحرمين والغزالي وغيرهما. قال الرافعي: وقياسه أن يقال إذا ارتفع عن حد الركوع والمأموم بعد في القيام، فقد حصل التخلف بركن، وإن لم يعتدل الإمام، فتبطل الصلاة إن قلنا التخلف بركن مبطل، أما إذا انتهى الإمام إلى السجود والمأموم بعد في القيام، فتبطل صلاته بلا خلاف؛ لما ذكره المصنف. انتهى.
وهنا ينبغي النظر في حالتك, فإن كان تخلفك عن الإمام لعذر, فصلاتك صحيحة, وإن كان التخلف لغير عذر, فهي صحيحة أيضا على الأصح عند الشافعية, ومن وافقهم, وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 285445, والفتوى رقم: 303955.
وإذا كنت تقصد بالموافقة متابعة المأموم لإمامه، بحيث يشترك معه في الركن، فهي واجبة.
يقول الإمام النووي في المجموع: يجب على المأموم متابعة الإمام، ويحرم عليه أن يتقدمه بشيء من الأفعال, والمتابعة أن يجري على أثر الإمام بحيث يكون ابتداؤه لكل فعل متأخراً عن ابتداء الإمام، ومقدما على فراغه منه. انتهى.
وهناك نوع من الموافقة مكروه.
يقول عنه الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى- في الشرح الممتع: القسم الثاني: الموافقة في الأفعال وهي مكروهة، وقيل: إنها خلاف السنة، ولكن الأقرب الكراهة. مثال الموافقة: لما قال الإمام: «الله أكبر» للركوع، وشرع في الهوي، هويت أنت والإمام سواء، فهذا مكروه؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «إذا ركع فاركعوا، ولا تركعوا حتى يركع» وفي السجود لما كبر للسجود سجدت، ووصلت إلى الأرض أنت وهو سواء، فهذا مكروه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنه، فقال: «لا تسجدوا حتى يسجد» انتهى.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 241735، وهي بعنوان: "ضابط متابعة المأموم لإمامه"
والله أعلم.