الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما كلمات الأغنية المذكورة: فهي كلمات شركية بلا شك، وأما أبوك: فلا يحكم بكفره لمجرد ما ذكرت حتى يبين له الأمر وتزال عنه الشبهة، وهنا لا بد أن ننبه على أنه الحكم بالكفر ليس بالأمر الهين، وقد تقرر في الشريعة أن من ثبت إسلامه بيقين، لا يزول إسلامه بالشك, وأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، فلا يكفر المسلم إلا إذا أتى بقول أو بفعل أو اعتقاد دل الكتاب والسنة على كونه كفرا أكبر مخرجا من ملة الاسلام, أو أجمع العلماء على أنه كفر أكبر، ومع ذلك فلا يحكم بكفر المعين إلا إذا توافرت فيه شروط التكفير, وانتفت عنه موانعه, ومن ذلك أن يكون بالغا عاقلا مختارا غير معذور بجهل أو تأويل، وقد سبق لنا بيان ذلك, وبيان ضوابط التكفير وخطر الكلام فيه, وأنه ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه, وذلك في الفتاوى التالية أرقامها: 721، 199241، 106483، 53835, 8106، 122556, 119321، 12800.
وأما الكلمة الثانية المذكورة عنه: فلعله قالها من باب السخرية بقائلها، لا من باب الاستحسان.
وأما الموقف الثالث: فلا يكفر والدك بسببه ما دام لا يعلم أن ما أنكره من القرآن.
وعليه؛ فالأصل صحة إسلام أبيك ومن ثم صحة عقد نكاحك وغير ذلك من الأحكام المبنية على الحكم بإسلامه، وأنه لم يخرج من الملة بشيء مما ذكر، ونحذرك من الوساوس ومن الاسترسال معها خاصة في هذا الباب، فإن الاسترسال مع الوساوس يفضي إلى شر عظيم.
والله أعلم.