الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن دعاء الملائكة للمؤمنين عموما ثابت شرعا, ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ {غافر:7}.
وهناك حالات خاصة ثبت أن الملائكة تدعو لأصحابها, يقول الشيخ عمر بن سليمان الأشقر ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه عالم الملائكة الأبرار: وأمّا الصلاة من الملائكة: فبمعنى الدعاء للناس، والاستغفار لهم، وهذا ما سنوضحه فيما يأتي: نماذج من الأعمال التي تصلي الملائكة على صاحبها:
أ ـ معلّم الناس الخير: روى الترمذي في سننه عن أبي أمامة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير.
ب ـ الذين ينتظرون صلاة الجماعة: في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مجلسه، تقول: اللهمّ اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يحدث.
ج ـ الذين يصلون في الصف الأول: في سنن أبي داود عن البراء بن عازب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول.
دـ الذين يسدّون الفرج بين الصفوف: في سنن ابن ماجه عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله وملائكته يصلون على الذين يصلون الصفوف، ومن سدّ فرجة رفعه الله بها درجة.
هـ ـ الذين يتسحرون: في صحيح ابن حبان ومعجم الطبراني الأوسط بإسناد حسن، عن ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله تعالى وملائكته يصلون على المتسحرين.
وـ الذين يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم: روى أحمد في مسنده، والضياء في المختارة عن عامر بن ربيعة بإسناد حسن: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من عبد يصلي عليّ إلا صلتْ عليه الملائكة، ما دام يصلي عليّ، فليقلّ العبد من ذلك أو ليكثر.
زـ الذين يعودون المرضى: روى أبو داود عن علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ما من رجل يعود مريضاً ممسياً، إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح، وكان له خريف في الجنّة، ومن أتاه مصبحاً خرج معه سبعون ألف ملك، يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريف في الجنة.
أما كون الملائكة تدعو خاصة للصائم الجالس مع المفطرين, فلم نقف على شيء فيه .
والله أعلم.