الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [الحجرات:11].
في هذه الآية الكريمة نهى الله عن أخلاق ذميمة ثلاثة:
1- نهى عن السخرية، وهي الاستهزاء بالآخرين أو التقليل من شأنهم وتحقيرهم، وهذا يخالف الآداب الإسلامية. قال أحد السلف:
لو سخرت من كلب لخشيت أن أحول كلبًا>
ولله در الشاعر حين قال:
احفظ لسانك لا تقل فتبتلى =====
إن البلاء موكل بالمنطق
2- ونهى عن اللمز، وهو الغمز بالوجه - مثلاً - أو تحريك الشفاه بما لا يفهم. قال الإمام
ابن كثير :
(وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ): تساوي، (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)[الآية29] في سورة النساء.
3- ونهى عن التنابز بالألقاب، وهو نهيٌ عام في كل لقب يكره المسلم أن ينادى به. قال الإمام
ابن كثير في قوله جل وعلا: (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْأِيمَانِ):
أي بئس الصفة والاسم الفسوق، وهو التنابز بالألقاب، كما كان أهل الجاهلية يتناعتون، بعد ما دخلتم في الإسلام وعقلتموه.
فلا يجوز لمسلم أن يستهزئ بك بأي وجه كان، وحسب من يفعل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:
بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم. رواه
مسلم.
ولا ريب أن أي إنسان عندما يواجه بسخرية فإنه يغضب، ولكن هنا نقطة يجب أن تتنبه إليها، وهي: أن بعض الناس قد يقصد المزاح المشروع دون أن يقصد أن يسخر منك، ودون أن يعلم أن هذا المزاح يغضبك، فينبغي أن تتفهم هذا، ولا تغضب من مزاح مقبول تتوافر فيه الضوابط الشرعية التي أوضحناها في الفتوى رقم:
10123.
والغضب من هذا المزاح قد يقطع جسورًا من التواصل بينك وبين إخوانك، ولذا فننصحك بترك الحساسية من هذا النوع من المزاح.
أما بالنسبة لمعاملة أخيك لك فننصحك بأن تصارحه بشعورك في لطف وترفق، وأطلعه على هذه الفتوى.
ويمكنك أن توسط أحد الصالحين الذين يحترمهم أخوك، ليبين له أنه لا تجوز له السخرية منك، وأن هذا يدخل في معصية الله.
وختامًا نوصيك بالتالي:
1- أن تحافظ على الصلوات الخمس مع الجماعة في المسجد؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم:
ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان. فعليك بالجماعة فإن الذئب يأكل القاصية. رواه
أحمد.
2- أن تحافظ على الفرائض وتكثر من النوافل، وفي الحديث القدسي:
وما تقرب إلي عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليه، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه. رواه
البخاري.
3- أن تكثر من ذكر الله، فذكر الله حصن حصين، يشرح النفس ويطمئن القلب، ويصلنا بالله ، ويطرح الشيطان. قال تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ[الرعد:28].
4- أن تديم قراءة القرآن، فإنه حبل الله المتين، والصراط المستقيم، والنور الهادي، والحياة الدافقة، من أخذ به عصم، ومن عمل به سعد، وهو يقوّم القلوب، ويصلح النفوس. قال تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ[الإسراء:9].
5- أن تكثر من الدعاء، فقد قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ[غافر:60]، وأن تلحَّ على الله أن يثبتك ويحفظك من شياطين الجن والإنس، كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم:
يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك. رواه
الترمذي وابن ماجه وأحمد.
6- الصحبة الطيبة، وحضور مجالس العلم، والسعي إلى لقاء الإخوة في الله، وسماع الندوات الخيرة. قال صلى الله عليه وسلم:
وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله في مَنْ عنده. رواه
مسلم والترمذي وابن ماجه وأحمد.
وراجع للأهمية الفتوى رقم:
29853.
والله أعلم.