الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح عندنا أنّ الشرط الذي حصل الاتفاق عليه في العقد ببقائك في الشمال، شرط صحيح، لازم، وهو مذهب الحنابلة، كما بيناه في الفتوى رقم: 32542
ومعنى لزوم الشرط، أن الزوج إذا أخلّ بشرطه، فمن حقّك فسخ النكاح.
أمّا عن وجوب الوفاء بالشرط، فالمشهور عند الحنابلة أنّ الوفاء بالشرط مستحب غير واجب، فلا يأثم الزوج بمخالفته.
قال المرداوي: حيث قلنا بصحة شرط سكنى الدار أو البلد ونحو ذلك، لم يجب الوفاء به على الزوج. صرح به الأصحاب، لكن يستحب الوفاء به، وهو ظاهر كلام الإمام أحمد -رحمه الله- في رواية عبد الله.
ومال الشيخ تقي الدين -رحمه الله- إلى وجوب الوفاء بهذه الشروط، ويجبره الحاكم على ذلك. الإنصاف.
وعليه؛ فرجوع زوجك في الشرط جائز عند أكثر العلماء، لا سيما وقد رجع حرصاً على برّ أمّه، وإذا كنت رضيت بالذهاب معه إلى الجنوب، فلا إشكال إذاً، ولا إثم عليك في مخالفة والديك في هذا الأمر، فطاعة الزوج مقدمة على طاعة الوالدين في هذا الأمر.
قال ابن تيمية (رحمه الله): الْمَرْأَةُ إذَا تَزَوَّجَتْ، كَانَ زَوْجُهَا أَمْلَكَ بِهَا مِنْ أَبَوَيْهَا، وَطَاعَةُ زَوْجِهَا عَلَيْهَا أَوْجَبُ. مجموع الفتاوى.
وقال المرداوي الحنبلي(رحمه الله): لا يلزمها طاعة أبويها في فراق زوجها، ولا زيارة ونحوها، بل طاعة زوجها أحق. اهـ.
لكن عليك أن تبري والديك حسب استطاعتك، وتسعي في استرضائهما بقدر طاقتك، وينبغي على زوجك أن يعينك على ذلك، ويكلم والديك بالرفق حتى يكونا راضيين بالنقلة، وتصفو النفوس، وتتآلف القلوب، كما ينبغي عليك أن تعينيه على برّ أمّه، فهذا من حسن العشرة، ومن التعاون على الخير.
وبخصوص رغبة زوجك في الزواج بأخرى، فهذا جائز إذا كان قادراً على العدل بينكما، والقيام بحقوقكما، والظاهر -والله أعلم- أنّك إذا ذهبت معه إلى الجنوب، فسوف يعدل عن هذه الرغبة.
نسأل الله أن يصلح بينكما، ويوفقكما لما فيه الخير والصلاح.
والله أعلم.