الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمقصود بقولهم إنّ أبا حنيفة ـ رحمه الله ـ لا يعد هذا الفعل زنا: أنّه لا يراه من الزنا الذي يوجب الحد، لحصول الشبهة بالأجرة، أمّا أن يكون مراده أنّه مباح غير محرم، فهذا باطل صراح، لا يقول به أحد من المسلمين، وراجع الفتوى رقم: 67924.
وعلى فرض أن أحداً قال هذا القول المنكر، فهل يحتج بقوله، ويستباح به الزنا الذي هو من المحرمات القطعية المعلومة من الشرع بالضرورة؟ ويكفي لبيان ذلك قوله تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}.
وهل يشك مسلم في تحريم هذا الأمر؟ وهل يرضاه لأهله ومحارمه؟ فاتق الله، وقف عند حدوده، واحذر من الاجتراء على حرماته.
واعلم أنّ الزنا من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر التي تجلب غضب الله، وسوء العاقبة في الدنيا والآخرة.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في روضة المحبين: فأما سبيل الزنى فأسوأ سبيل، ومقيل أهلها في الجحيم شر مقيل، ومستقر أرواحهم في البرزخ في تنور من نار يأتيهم لهبها من تحتهم، فإذا أتاهم اللهب ضجوا وارتفعوا، ثم يعودون إلى موضعهم، فهم هكذا إلى يوم القيامة، كما رآهم النبي في منامه، ورؤيا الأنبياء وحي لا شك فيها، ويكفي في قبح الزنى أن الله سبحانه وتعالى مع كمال رحمته شرع فيه أفحش القتلات وأصعبها وأفضحها، وأمر أن يشهد عباده المؤمنون تعذيب فاعله. اهـ
وإذا كنت قادراً على الزواج فبادر به، وإلا فاصبر واستعفف، ومما يعينك على ذلك كثرة الصوم مع حفظ السمع والبصر، والحرص على مصاحبة الصالحين، وشغل الأوقات بالأعمال النافعة. وراجع الفتوى رقم: 23231.
والله أعلم.