الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كنت لم تفهم جواب النبي صلى الله عليه وسلم على هذه المسألة وهو جواب محكم لا مزيد عليه، فنحن نقرب لك الأمر ونسألك، هل يمكنك ترك الطعام والشراب بزعم أنه لو قدر لك الشبع لشبعت؟ وهل لو اعتدى أحد عليك بضرب أو شتم أو غير ذلك كنت تحاسبه بفعله وترى أنه فعل ذلك بمشيئته واختياره، أم كنت تحتج له بالقدر وتتغاضى عن إساءته لك؟
الجواب واضح ومعلوم، وذلك أنه لا تنافي بين القدر السابق وبين الأخذ بالأسباب التي بها يقع القدر الذي قدره الله تعالى، ووظيفتنا هي الأخذ بتلك الأسباب لا الفكرة في القدر السابق الذي هو سر الله في خلقه، فكما أنك تأكل وتشرب ولا تتكل على القدر السابق، فكذلك عليك أن تعمل بطاعة الله وتدعو الله وتتقرب إليه، ولا تقل لو قدر لي كذا لكان، ولقد قال جعفر بن محمد الصادق كلمة حكيمة تضبط لك هذا الموضوع وتزيل عنك الشبهة والإشكال فيه، قال رحمه الله: أراد الله بنا أشياء، وأراد منا أشياء، فما أراده منا أبداه لنا، وما أراده بنا أخفاه عنا، فما اشتغالنا بما أراده بنا عما أراده منا؟.
فعليك أن تشتغل أيها الأخ الكريم بما أريد منك ولا تفكر فيما أريد بك، وسل الله الهداية والسداد، وننصحك بمراجعة كتاب القضاء والقدر للدكتور عمر الأشقر ـ رحمه الله ـ كما ننصحك بمراجعة فتاوانا في هذا الموضوع وهي لا تحصى كثرة عن طريق الدخول إلى العرض الموضوعي للفتاوى.
والله أعلم.