الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا شك أن الصدقة على اليتيم من الأعمال الصالحة المرغب فيها شرعا، فقد رغب الله في الإحسان إلى اليتامى، فقال: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى {البقرة: 83 }.
وإدخال السرور على قلب اليتيم من أسباب لين القلب وخشوعه، فقد روى أحمد في المسند عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَجُلًا شَكَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ: إِنْ أَرَدْتَ تَلْيِينَ قَلْبِكَ، فَأَطْعِمْ الْمِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ.
وقد بينا في فتاوى كثيرة فضل كفالتهم والإحسان إليهم، ولكن لا يجوز حضور تلك التجمعات التي ترتكب فيها المحرمات كالموسيقى والتبرج ولو كان بغرض التبرع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ولا يجوز لأحد أن يحضر مجالس المنكر باختياره لغير ضرورة, كما في الحديث أنه قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يشرب عليها الخمر. اهــ.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الجلوس مع أهل المنكر مع استطاعة الإنسان أن يقومَ مشاركة لهم في الإثم، لقوله تعالى: وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ {النساء:140} يعني: إن قعدتم فأنتم مثلهم، ولا يحل لأحد أن يقعد مع أهل المنكر، إلا إذا كان في خروجه ضرر. اهـ.
والتصدق على اليتامى ليس محصورا عن طريق تلك الجمعية، ولا يجوز للجمعيات الخيرية التي تتولى رعاية اليتامى أن تنشئهم على الموسيقى والمنكرات، وهي بذلك لا تصلح أن تكون راعية للنشء المسلم.
والله أعلم.