الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اشتملت رسالتك على كثير من الأسئلة، ولا نرى أن سبب ما ذكرت إلا من الوسوسة.
ولا يسعنا الاسترسال معك في جميعها؛ لأن النظام عندنا هو الجواب على سؤال واحد عند تعدد أسئلة السائل.
ولكنا ننصحك بطلب العلم، والإخلاص في ذلك؛ فالعلم النافع يورث خشية الله تعالى، واحرصي على تقوية اليقين بالله تعالى بكثرة التأمل في كتاب الله وتدبر معانيه، وتدبر الآيات الكونية، وتدبر معاني صفات الله تعالى، وكثرة النظر في قصص الأنبياء وفي معجزاتهم، ومما يزيده كذلك كثرة سؤال الله تعالى الإيمان واليقين والهدى، ففي الحديث: اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك... ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. وفي الحديث: سلوا الله اليقين والمعافاة؛ فإنه لم يعط أحد بعد اليقين خيرا من المعافاة. رواه أحمد، وصححه الألباني.
ومما يزيده كذلك مجالسة أهل العلم واليقين.
فقد قال الغزالي في الإحياء: جالسوا الموقنين، واستمعوا منهم علم اليقين، وواظبوا على الاقتداء بهم؛ ليقوى يقينكم، كما قوي يقينهم. اهـ.
وأكثري من الاستغفار، والاستعاذة من الشرك، وأكثري من الدعاء الذي أرشد النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر إليه، حيث قال له: والذي نفسي بيده؛ للشرك أخفى من دبيب النمل، ألا أدلك على شيء إذا قلته ذهب عنك قليله وكثيره، قل: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم. رواه البخاري في الأدب المفرد، وصححه الألباني.
وعن أبي موسى الأشعري قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال: يا أيها الناس؛ اتقوا هذا الشرك، فإنه أخفى من دبيب النمل. فقال له من شاء الله أن يقول: وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال: قولوا: اللهم إنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه، ونستغفرك لما لا نعلمه. رواه أحمد، وحسنه الألباني.
وعليك بالإعراض عن الاسترسال مع الشيطان في الوسوسة، فاذا جاءك بالخطرات والوساوس، فبادري باللجوء إلى الله تعالى، والاستعاذة به منه، ومن النفس، فتعوذي منهما بما في حديث مسلم: ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا. وبالدعاء الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقد سأله أبو بكر فقال: يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت، وإذا أمسيت. قال: قل: اللهم فاطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي، وشر الشيطان وشركه، قلها إذا أصبحت، وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك. رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.
وقال الله تعالى: وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله {فصلت: 36}
والله أعلم.