الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس للجار إغراء جاره بفسخ البيع، أو طلب الإقالة منك، ففي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد، ولا تناجشوا، ولا يبع الرجل على بيع أخيه، ولا يخطب على خطبة أخيه.
كما أن الجار ليس له حق الشفعة، فيما ذهب إليه الجمهور، جاء في الموسوعة الفقهية: يثبت حق طلب الشفعة في البيت المبيع للشريك فيه الذي لم يقاسم؛ تبعًا للأرض المبيعة، وأما الجار؛ فلا شفعة له؛ لحديث جابر -رضي الله عنه- قال: قضى النبي صلى الله عليه وسلم بالشفعة في كل ما لم يقسم، فإذا وقعت الحدود، وصرفت الطرق، فلا شفعة...
وعند الحنفية: الشفعة تكون للشريك، وللجار تبعًا للعقار المملوك ...وما استدل به الحنفية، ومن معهم من أحاديث، فإن في أسانيدها مقالًا.
قال ابن المنذر: الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث جابر -السابق ذكره- وما عداه من الأحاديث التي استدل بها الحنفية، ومن معهم، كالحديث الذي رواه أبو رافع: "الجار بسقبه"، والحديث الذي رواه سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "جار الدار أحق بالدار". فإن فيها مقالًا. على أنه يحتمل أنه أراد بالجار الشريك، فإنه جار أيضًا. انتهى منها بتصرف.
ولا سيما مع طول المدة، وسكوت الجار عن المطالبة بالشفعة من غير عذر فيما يظهر.
وعليه؛ فليس له المطالبة بها الآن حتى على قول من يرى أن له الحق فيها؛ ولذا جاء في المحيط البرهاني من كتب الحنفية القائلين بأن للجار حق الشفعة: إذا سكت الشفيع بعدما علم بالبيع ساعة، بطلت شفعته، كما لو سلم الشفعة. اهـ.
وعلى هذا؛ فلا حق للجار المذكور فيما يفعل من إغراء البائع، وحثه على طلب الإقالة، أو غيرها.
والله أعلم.